الوجه الثانی عشر : حول الاهتمام بهدایة الأنام

‏‏الوجه الثانی عشر‏

‏‏ ‏

‏‏حول الاهتمام بهدایة الأنام‏

‏‏ ‏

‏‏من أحسن وجوه الـبلاغـة‏‏ والـمحسّنات الـخطابیـة، أن یتوجّـه‏‎ ‎‏الـمخاطبون ویعلموا بأنّ الـمتکلّم متمحّض فی هدایتهم وإرشادهم، ویسدّ‏‎ ‎‏علیهم جمیع الأبواب نظراً لنجاحهم وبلوغهم إلـیٰ الـکمال الأبدی والـسعادة‏‎ ‎‏الـدائمیـة، فإنّ فی ذلک جلباً لهم وخدمـة وإعلاماً بتهیُّئـه أن یهدیهم إلـی‏‎ ‎‏الـسبیل الـسویّ والـصراط الـمستقیم، وإذا کان الـمخاطب والـخطیب واضح‏‎ ‎‏الاعتقاد فی مرامـه، وظاهر الأمر فی طلبـه یجتذب الـناس نحو الـمقصود‏‎ ‎‏والـمطلوب، وفی هذه الآیـة الـکریمـة الـشریفـة أعلن: أنّ اللّٰه فی صراط‏‎ ‎‏هذا الأمر لایستحیی عن أمثال هذه الأمثال، وعن ذکر هذه الاُمور والـحیوانات‏‎ ‎‏والـموجودات؛ لأنّ الـنظر إلـی الـمعنیٰ الأهمّ والـغایـة الـقصویٰ الأتمّ.‏

‏
‏‎

‏‏فما تخیّلـه جماعـة من الـیهود معترضین علی الـقرآن الـعزیز،‏‎ ‎‏وتوهّموا: أنّ الإتیان بمثل هذه الألفاظ الـحاکیـة عن تلک الأشیاء الـرخیصـة‏‎ ‎‏الـرذیلـة، غیر لائق بجنابـه الإلهی، فالـقرآن من عند محمّد ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‏، لا من‏‎ ‎‏قِبَلـه تعالـیٰ.‏

‏‏فی غایـة الـوهن والـسخافـة، وناشئ عن قلّـة الـتدبّر فیما هو‏‎ ‎‏الـمنظور فی هذا الـمیدان وتلک الـساحـة الـجمیلـة.‏

‏‏وبالجملة:‏‏ تخیّل أنّ ذکر هذه الـصغائر والأصاغر فی الـقرآن، خلاف‏‎ ‎‏فصاحـة الـمفرد، کذکر الـعنکبوت والـذباب والـنحل والـنمل، خالٍ عن‏‎ ‎‏الـتحصیل. وسیمرّ علیک فی الـبحوث الـفلسفیـة: أنّ الأشیاء کلّها بالـقیاس‏‎ ‎‏إلـیـه تعالـیٰ علیٰ حدّ سواء وإنّما الاختلاف بالـنسبـة إلـی أنفسهم.‏

‏‎ ‎

‏‎