سورة البقرة

البحث الثالث : دلالة مادّة الأمر علی الوجوب

البحث الثالث

‏ ‏

دلالة مادّة الأمر علی الوجوب

‏ ‏

‏من الـمسائل الـخلافیـة بین علمائنا الاُصولیـین، مسألـة ظهور مادّة‏‎ ‎‏الأمر فی الـوجوب وعدمـه، فذهب الـوالـد الـمحقّق إلـیٰ الأوّل مستدلاًّ‏‎ ‎‏بالـتبادر‏‎[1]‎‏، والـعلاّمـة الأراکی ـ قدّس سرّه ـ إلـیٰ أنّـه لمطلق الـطلب‏‎[2]‎‏.‏

ومن هذه الآیـة یستفاد‏ أنّ مادّة الأمر للإیجاب، فإنّ قولـه تعالـیٰ:‏‎ ‎‏«‏یَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللّٰهُ بِهِ أَنْ یُوصَلَ‏»‏‏ظاهر فی أنّ ما أمر اللّٰه بـه هو الـواجب‏‎ ‎‏بالـضرورة، فیکون الأمر دلیلاً علیٰ الـوجوب، و تکون مادّة الأمر ظاهرة فیـه.‏

والـذی تحرّر عندنا فی الاُصول‎[3]‎‏: أنّ الـبحث الـمذکور غلط؛ ضرورة‏‎ ‎‏أنّ مادّة الأمر لیست موضوعـة إلاّ لصیغـة الأمر بما لها من الـمعنیٰ، والـوجوب‏‎ ‎‏أو الـطلب الـمطلق من معانی الـصیغـة، ولیس مادّة الأمر موضوعـة لـه، فإذا‏‎ ‎‏قال اللّٰه تعالـیٰ: ‏‏«‏مٰا أَمَرَ اللّٰهُ بِهِ أَنْ یُوصَلَ‏»‏‏، فلایتبادر منـه إلاّ أنّ اللّٰه تعالـیٰ‏‎ ‎‏أوجب الـوصل بإحدیٰ الـوسائل، کصیغـة الأمر؛ من غیر کون مادّة الأمر‏‎ ‎‏موضوعـة للوجوب أو لمطلق الـطلب، وهکذا قولـه تعالـیٰ: ‏‏«‏فَلْیَحْذَرِ الَّذِینَ‎ ‎یُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ‏»‏‎[4]‎‏، فإنّ الـمنصرف من «أمر ربّـه» هو الـصیغـة الـمتعلّقـة‏‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 70
‏بمادّة الـصلاة والـصوم والـحجّ وغیر ذلک، وتلک الـصیغـة: إمّا تدلّ علیٰ‏‎ ‎‏الـوجوب، أو الـندب، أو الأعمّ، أو لاتدلّ علیٰ شیء علیٰ خلاف فی محلّـه.‏

‏فاستفادة کون مادّة الأمر للوجوب من هذه الآیـة وأمثالـها، محلّ منع‏‎ ‎‏جدّاً. نعم یصحّ الإنشاء بالـمادّة، وهو بحث أجنبی عن هذه الـمسألـة.‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 71

  • )) راجع تهذیب الاُصول 1 : 133 .
  • )) راجع مقالات الاُصول، المحقّق العراقی 1 : 205.
  • )) راجع تحریرات فی الاُصول 2 : 5 ومابعدها.
  • )) النور (24) : 63.