البحث الثالث
حول تجسّم الأعمال
فی قولـه: «قَالُوا هَذَا الـَّذِی رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ»، إشارة إجمالـیـة إلـی تجسّم الأعمال والأخلاق، فإنّ ما رُزقوا من قبل لیس إلاّ الأعمال الـصالـحـة الـتی وعدوا علیها، فإذا دخلوا فی تلک الـجنّـة کأنّهم رأوا تلک الأعمال متجسّمـة بصورة الـثمرات، فقالـوا: «هَذَا الـَّذِی رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ»، فما ذهب إلـیـه جمع من الـمتکلّمین وطائفـة کثیرة من أهل الـتشریع: من بطلان تجسّم الأعمال أو امتناعـه الـعقلی، قابل للمنع بمقتضیٰ هذه الآیـة.
وحمل الآیـة علیٰ الادّعاء والاستعارة علیٰ خلاف الأصل. اللهمّ إلاّ أن یقال بأنّ الـمقصود من الآیـة الـشریفـة توضیح أنّ أهل الـجنّـة یکون مقالـهم ذلک بالـنسبـة إلـی ما یرون فیها متکرّراً، فیقولون: «هَذَا الـَّذِی رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَ أُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً»بالـنسبـة إلـیٰ تلک الـثمرات فی الـجنّـة.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 84