سورة البقرة

الوجه الخامس : حول إطلاق الموت قبل الحیاة

الوجه الخامس

‏ ‏

حول إطلاق الموت قبل الحیاة

‏ ‏

‏ربّما یناقش بأنّ إطلاق الأموات والـمیّت علیٰ الأعدام وما لا وجود لـه‏‎ ‎‏ولم یکن موجوداً حیّاً، غیر جائز، فلم یکونوا أمواتاً فأحیاهم، بل لم یکونوا شیئاً‏‎ ‎‏فأحیاهم، أو لم یکونوا شیئاً فأوجدهم تدریجاً إلـیٰ أن أحیاهم، ولذلک قال اللّٰه‏‎ ‎‏تعالـیٰ: ‏‏«‏هَلْ أَتَیٰ عَلَی الإِنْسَانِ حِینٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ یَکُنْ شَیْئاً مَذْکُوراً‏»‏‎[1]‎‏.‏

‏ومن الـمحتمل کون الاستعمال علیٰ نعت الـمشاکلـة، الـتی هی من‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 145
‏الـمحسّنات الـمعنویـة؛ باعتبار کلمـة «یُمیتُکُمْ»، ولکنّـه بعید.‏

‏ومن الـمحتمل أن یکون الاستعمال باعتبار علاقـة الحَوْل؛ لأنّـه یصیر‏‎ ‎‏حیّاً بعد ما لم یکن فیـه إلاّ قوّة الـحیاة وهذا أیضاً غیر مناسب.‏

‏ومن الـمحتمل أن یکون مفاد الـموت والـمیّت أعمّ، فیقال: الأرض‏‎ ‎‏الـمیتـة الـتی لاحیاة فیها، کما مرّ فی تحریر معناه فی بحوث اللغـة، وسیمرّ‏‎ ‎‏علیک فی الـفنون الاُخر ما یترتّب علیـه، ویستنبط من هذه الآیـة؛ لأجل هذه‏‎ ‎‏الـجهـة إن شاء اللّٰه تعالـیٰ، وتکون الآیـة کأنّها ناظرة إلـیٰ أنّ الإنسان کان‏‎ ‎‏حیواناً، فمات حتّیٰ صار إنساناً ... إلـیٰ آخره.‏

‏ومن الـمحتمل أن تکون هذه الآیـة ناظرة إلـیٰ مفاد قولـه تعالـیٰ فی‏‎ ‎‏الآیـة الـسابقـة؛ أی کیف تکفرون باللّٰه الـذی أخذ الـعهد منکم، فنقضتم عهده‏‎ ‎‏من بعد میثاقـه، وقطعتم ما أمر اللّٰه بـه أن یوصل، وهو الـوصل باللّٰه وصلـة‏‎ ‎‏الـرحم الـحقیقی، وکنتم فی هذه الأحوال الـسابقـة أمواتاً بحسب الـحیاة فی‏‎ ‎‏هذه الـنشأة فأحیاکم بالـحیاة الـدنیویـة، فتکون الـحیاة والـموت نسبیّـین‏‎ ‎‏بحسب الـنشآت الـمختلفـة، وثبوتِ الآثار وانتفائها علیٰ حسب الـنشآت، کما‏‎ ‎‏لایخفی.‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 146

  • )) الإنسان (76) : 1 .