سورة البقرة

مسألة أصالة الخطر وأصالة الإباحة

مسألة أصالة الحظر وأصالة الإباحة

‏ ‏

‏وأیضاً یستدلّ بهذه الآیـة الـکریمـة علیٰ أنّ فی الـمسألـة الـخلافیـة‏‎ ‎‏بین الاُصولیـین، یکون الـحقّ مع الـقائلین بأصالـة الإباحـة دون من یقول‏‎ ‎‏بأصل الـحظر؛ ضرورة أن الأشیاء کلّها مخلوقـة لبنی آدم ومباحـة لهم، فنحتاج‏‎ ‎‏للمنع إلـیٰ دلیل خاصّ.‏

‏فبالـجملـة: الإباحیون الـزنادقـة یستدلّون بها علیٰ أنّ الـکلّ للکلّ،‏‎ ‎‏والإباحیون الـفقهاء استدلّوا بها علیٰ أنّ الأصل ذلک، وخرج ما خرج، ولزوم‏‎ ‎‏الـتخصیص الـکثیر بالـعناوین ممّا لابأس بـه؛ لتعارفـه فی الـقوانین، بعد کون‏‎ ‎‏الـباقی تحت الـمطلق أیضاً کثیر جدّاً.‏

أقول:‏ فی جمیع هذه الـتسویلات نظر واضح واحد وهو أنّ أمثال هذه‏‎ ‎‏الآیات من قبیل الـحدیث الـمشهور: ‏«یابن آدم خلقتُ الأشیاء لأجلک وخلقتُک‎ ‎لأجلی»‎[1]‎‏، أو خطاباً إلـیٰ الـرسول الأعظم الإسلامی ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‏، فإنّ اللام هنا‏‎ ‎‏لیس إلاّ للغایـة من الـخلقـة؛ لرجوع منافع الأشیاء وفوائدها إلـیهم؛ من غیر‏‎ ‎‏نظر إلـیٰ مسألـة تشریعیـة تحلیلیـة وإباحیـة، بل هی آیـة تفید مسألـة کونیـة‏‎ ‎‏ومقصوداً تکوینیاً، فیکون ما لأجلـه الـحرکـة هو الإنسان وما لأجلـه الإرادة‏‎ ‎‏والـخلقـة ـ مثلاً ـ هو الإنسان والـمجتمع الـبشری.‏


کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 154
‏فالاستدلال ـ مثلاً ـ بهذه الآیـة علیٰ حلّیـة أکل الأرنب من سوء الـفهم،‏‎ ‎‏فإنّ الأرنب خُلق لنا؛ لما فی وجوده دفع مضرّة عنّا أو نفع إلـینا، وهذا نظیر‏‎ ‎‏الـتمسک بقولـه تعالـیٰ: ‏‏«‏أُحِلَّتْ لَکُمْ بَهِیمَةُ الأَنْعَامِ‏»‏‎[2]‎‏ لجواز الـتصرّف فی‏‎ ‎‏بهیمـة الـغیر، فإنّ الآیـة بصدد تحلیل الـبهائم فی قبال ما یحرم أکلـه ذاتاً.‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 155

  • )) علم الیقین، الفیض الکاشانی 1 : 381.
  • )) المائدة (5) : 1 .