المسألة السادسة
حول کلمة «سبّح»
«سبَّح»: صلّیٰ وقال: سبحان الله ، وسبّح الله نزّهـه، وقد یعدّیٰ باللام، ومنـه قولـه تعالـیٰ: «سَبَّحَ لِلّٰهِ» وقد تعارف ذلک کثیراً إلاّ أنّ الأظهر أنّـه لیس الـلاّم هنا للتعدیـة؛ أی لیس کلمـة «لله » مفعولاً بـه حتّیٰ یتعدّیٰ بالـلام، أو یقال: هی زائدة للتأکید.
بل اللام لام إخلاص؛ أی سبّح ما فی الـسماواتِ الله َ تعالـیٰ خالـصاً لـه وإخلاصاً لـه، ویکون الـمفعول بـه محذوفاً للقرینـة، أو لعدم إرادة الإفهام هنا، بل الـنظر إلـیٰ أنّ کیفیـة تسبیحهم کانت هکذا، فما فی «أقرب الـموارد» وبعض کتب اللغـة الاُخر سهو واشتباه.
ثمّ إنّـه تعارف فی خصوص هذه الـکلمـة ذکر الـباء عقیبها، نحو قولـه تعالـیٰ: «وسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ»، وهذا کثیر الـتکرّر فی الـقرآن والأدعیـة جدّاً، ولم یُعهد فی کتب اللغـة توضیح هذه الـجهـة، وأنّ هذه الـباء متعلّقـة بهذه الـمادّة، کما هو الـظاهر، أم هی متعلّقـة بالـفعل الـمحذوف، فیکون الـبحث عنـه خارجاً عن هذه الـمسألـة، کما هو مختار جمع، ویؤیّدهم قولهم: «سبحان ربی العظیم وبحمده»؛ حیث فُصل بالـواو، فیکون فی جمیع هذه
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 211
الـمواقع: «نحن نسبّح تسبیحاً ونحمد بحمدک»، وهذا أمر بعید فی حدّ ذاتـه.
والأظهر: أنّ الـباء هنا باء الإبانـة والـتوضیح لکیفیـة الـتسبیح، وأنّـه تسبیح یشتمل علیٰ الـتنزیـه والـتقدیس الـملازم لإفادة جامعیتـه تعالـیٰ للکمالات واستحقاقـه للثناء؛ أی نسبّح بتسبیح فیـه الـحمد، وهو عین الـحمد، فالـبحث لغویّ.
ثمّ إنّ کلمـة «سبحان» تختصّ بخصوصیـة لکثرة الاستعمال، وذلک حذف فعلـه الـعامل فیـه بالـنصب فیقال: «سبحان الله أو سبحاناً أو سبحانی»... وهکذا، ولأجلـه منصوب دائماً لفظاً أو محلاًّ، وفیـه بعض الأقوال الاُخر الـباطلـة الـبعیدة عن الـصواب، کتوهّم أنّـه غیر منصرف، أو هو بمنزلـة «قبل» و«بعد» فی صورة الإفراد والانقطاع عن الإضافـة وغیر ذلک، ممّا یُضحِک الـثکلیٰ، فراجع کتب الـنحو.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 212