البحث الأوّل : فی تعلیم الأسماء

‏‏البحث الأوّل‏

‏‏ ‏

‏‏فی تعلیم الأسماء‏

‏‏ ‏

‏‏اعلم أنّ هذه الآیـة الـشریفـة؛ لاشتمالـها علیٰ ضمیر الـمفرد‏‎ ‎‏والـمؤنّث مع کون مرجعـه الأسماء، وعلیٰ ضمیر الـجمع الـمذکّر للعقلاء مع‏‎ ‎‏أنّ مرجعـه ذاک الـمرجع، تشیر إلـیٰ مائدة سماویـة ومقالـة عرفانیـة، وبها‏‎ ‎‏تنحلّ مشکلـة الآیـة وإنّما اختلفت أرباب الـتفسیر والـقشریّون فیما لـیس من‏‎ ‎‏شأنهم الـتدخّل فیـه، وسیمرّ علیک: أنّ ما فی بعض الأخبار الـمنسوبـة إلـیٰ‏‎ ‎‏أئمـة الـهدیٰ ‏‏علیه السلام‏‏ أیضا یؤکّد هذا الـنمط الـشریف وهذا الـمنهج الـمنیف.‏

‏‏قد تبیّن أنّ آدم اُنموذج الـموجودات الـسوائیـة الـحاویـة لـکلّ‏‎ ‎‏الـکمالات الإمکانیـة علیٰ نعت الـقوّة الـبالـغـة فی طینتـه أحیاناً إلـیٰ حدّ‏‎ ‎‏الـفعلیـة وأنّ جمیع أفراد هذا الـنوع من الـخلق فیـه تلک الـفطرة الإلهیـة‏
‏‎

‏‏وبالجملة:‏‏ هذه الألفاظ أسماء لـکونها تعرب عن أشیاء، وهذه الأشیاء‏‎ ‎‏أسماء لکونها معربـة عن الـمسیرة، وتلک الـمسیرة اسم لـکونها کاشفـة عن‏‎ ‎‏جهـة الـسیر إلـیٰ اللّٰه تعالـیٰ، وتلک الـجهـة اسم لـکونها موضّحـة لـوجود‏‎ ‎‏الـمبدأ الـسیری فی الـمبدأ الأعلیٰ، وهو اسم لأنّـه نور یکشف عن‏‎ ‎‏الـبسیطـة الإطلاقیـة، وإنّ تلک الـکثرة الأسمائیـة تنتهی إلـیٰ الـوحدة‏‎ ‎‏الـذاتیـة، وهذا هو أحد معانی الأسماء الـخمسـة الإلهیـة الـدارجـة فی‏‎ ‎‏لـسان الـعارفین القائلین: بأنّ الـحمد للّٰه تعالـیٰ بالألسنـة الخمسـة أو‏‎ ‎‏بالحضرات الخمسة.‏

‏‏فما هو مورد تعلیم اللّٰه آدم ‏‏علیه السلام‏‏ هی الأسماء بما لـها من الإعراب‏‎ ‎‏والإیضاح، وما هو الـمعروض هی الـمسمّیات الـتی هی عین الأسماء،‏
‏‎

‏‏وغیر خفیّ: أنّ من تلک الأسماء هی الـملائکـة ذواتها، إلاّ أنّ ما هو‏‎ ‎‏الـمعروض علیهم هی الـجهات الأسمائیـة فی الـذات الإلهیـة، الـراجعـة‏‎ ‎‏إلـیٰ أنفسهم الـجاهلین بها وبعودها إلـیها، أو صدورها منها علیٰ وجـه لا یلزم‏‎ ‎‏صدور الـکثیر من الـواحد الـبسیط.‏

‏‎ ‎

‏‎

• )) الروم (30) : 30.
• )) سبأ (34) : 11 .