الأمر الثانی
حول کلمة «إبلیس»
أبلس: قلّ خیره، وانکسر وحزن، ومن رحمـة اللّٰه یئس. لازم ویتعدّیٰ، وظاهر اللغـة أنّـه لـم یأتِ منـه الـثلاثی الـمجرّد، وهذا شاذّ. وفی مواضع من الـقرآن الـکریم استعمال الإبلاس ومشتقّاتـه دون الـثلاثی.
وفی «الأقرب»: إبلیس عَلَمُ جنسٍ للشیطان، وقیل: هو من أبلس؛ بمعنیٰ یئس وتحیّر. جمعـه: أبالـیس، أبالـسـة. والـصواب أنّـه أعجمی بدلیل
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 376
امتناعـه من الـصرف. انتهیٰ. وفاقاً لـما نُسب إلـیٰ الـزجّاج. ویشهد لـکونـه عَلَماً عدم استعماله بالألف واللام؛ إذ هو لا یدخل المعرفة، والأعلام معارف.
والذی یظهر لی: أنّـه عربی لـغایـة الـتصاق معناه مع معنیٰ الإبلاس، ولعلّ أصل الـکلمـة من «پلاس» الـفارسیـة الـتی انتقلت إلـیٰ الـعربیـة، وصارت «بلاساً»، وهو معنیٰ الـبساط الـنازل الـموقوف للجلوس علیـه، ومن الاُمور الـمندرسـة، فاشتقت منـه الـعروبـة، وعند ذلک لا یلزم امتناع صرفـه أیضاً إلاّ أنّ وجـه الامتناع ربّما کان الـعدول من الـمبلس ـ الـذی هو الـجنس إلـیٰ «إبلیس»، فصار عَلَماً، ویکفی ذلک للامتناع، والالتزام بأنّ «إبلیس» عَلَمُ شخصٍ خاصّ، وإنّما الاختلاف فی کیفیـة وجوده، ممکن، وعند ذلک یُعرب امتناعُـه عن الـصرف بلا وجـه عن امتناعـه عن الـسجدة بلا جهـة عقلیـة وعقلائیـة.
ولعلّ أصل کلمـة «الـبولیس» وکلمـة «انجلیس» من هذا الأصل؛ لـقوّة اقترانهما معنیً ولفظاً، ولا سیّما الـثانی معنیً.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 377