سورة البقرة

الأمر الثانی : حول کلمة «إبلیس»

‏ ‏

الأمر الثانی

‏ ‏

حول کلمة «إبلیس»

‏ ‏

‏أبلس: قلّ خیره، وانکسر وحزن، ومن رحمـة اللّٰه یئس. لازم‏‎ ‎‏ویتعدّیٰ‏‎[1]‎‏، وظاهر اللغـة أنّـه لـم یأتِ منـه الـثلاثی الـمجرّد، وهذا شاذّ. وفی‏‎ ‎‏مواضع من الـقرآن الـکریم استعمال الإبلاس ومشتقّاتـه دون الـثلاثی.‏

‏وفی «الأقرب»: إبلیس عَلَمُ جنسٍ للشیطان، وقیل: هو من أبلس؛ بمعنیٰ‏‎ ‎‏یئس وتحیّر. جمعـه: أبالـیس، أبالـسـة. والـصواب أنّـه أعجمی بدلیل‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 376
‏امتناعـه من الـصرف‏‎[2]‎‏. انتهیٰ. وفاقاً لـما نُسب إلـیٰ الـزجّاج. ویشهد لـکونـه‏‎ ‎‏عَلَماً عدم استعماله بالألف واللام؛ إذ هو لا یدخل المعرفة، والأعلام معارف.‏

والذی یظهر لی: ‏أنّـه عربی لـغایـة الـتصاق معناه مع معنیٰ الإبلاس،‏‎ ‎‏ولعلّ أصل الـکلمـة من «پلاس» الـفارسیـة الـتی انتقلت إلـیٰ الـعربیـة،‏‎ ‎‏وصارت «بلاساً»، وهو معنیٰ الـبساط الـنازل الـموقوف للجلوس علیـه، ومن‏‎ ‎‏الاُمور الـمندرسـة، فاشتقت منـه الـعروبـة، وعند ذلک لا یلزم امتناع صرفـه‏‎ ‎‏أیضاً إلاّ أنّ وجـه الامتناع ربّما کان الـعدول من الـمبلس ـ الـذی هو‏‎ ‎‏الـجنس إلـیٰ «إبلیس»، فصار عَلَماً، ویکفی ذلک للامتناع، والالتزام بأنّ‏‎ ‎‏«إبلیس» عَلَمُ شخصٍ خاصّ، وإنّما الاختلاف فی کیفیـة وجوده، ممکن، وعند‏‎ ‎‏ذلک یُعرب امتناعُـه عن الـصرف بلا وجـه عن امتناعـه عن الـسجدة بلا جهـة‏‎ ‎‏عقلیـة وعقلائیـة.‏

‏ولعلّ أصل کلمـة «الـبولیس» وکلمـة «انجلیس» من هذا الأصل؛ لـقوّة‏‎ ‎‏اقترانهما معنیً ولفظاً، ولا سیّما الـثانی معنیً.‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 377

  • )) راجع أقرب الموارد 1 : 58.
  • )) نفس المصدر.