الوجه الخامس
حول إرجاع ضمیر «مِنْهَـٰا رَغَدَاً» إلیٰ الجنّة
إرجاع الـضمیر فی قولـه: «مِنْهَا رَغَداً» إلـیٰ الـجنّـة مع أنّها لاتؤکل لا خلاف فیه من نظر، وتوسعة من جهة الأکل، ولاسیّما مع تأکیدها بقولـه: «رَغَداً»من جهـة اُخریٰ، وبالأخصّ بعد تنصیص الآیـة من جهـة الـتوسعـة الـمکانیـة بقولـه: «حَیْثُ شِئْتُمَا» مع أنّـه لاحاجـة إلـیٰ هذه الـتذکّرات من جهات شتّیٰ، بعد کفایـة إطلاق الأمر الإباحی.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 436
وأمّا الـنهی عن الـتقرّب فقد تعارف فی الـکتاب الـعظیم، مثل قولـه تعالـیٰ: «لاَ تَقْرَبُوا مَالَ الیَتِیمِ» وقولـه تعالـیٰ: «وَلاَتَقْرَبُوا الزِّنَا»، وهذا فیـه أیضاً تأکید بلیغ، ویجوز حمل الأمر هنا علیٰ الـتعبّد والإیجاب؛ لاستلزام الـتقرّب أحیاناً عصیان الـمولیٰ، ولازمـه تعدّد الـعصیان لـو تقرّب من مال الـیتیم وأکل، وهکذا فی مشابهات الـمسألـة.
ویجوز أن یکون الـنهی عن الـتقرّب، کنایةً عن الـتفکّر عن کیفیة الـولوج فی الـخلاف وکیفیـة الاستعانـة بالـغیر فی الـوصول إلـیـه، ویکون نهیاً کنائیاً عن أنحاء الاُمور الـموجبـة للعصیان؛ من الـتفکیر الـوحدانی والاجتماعی، والاستعانـة بالـغیر من الآلات والأناسی، وغیر ذلک، وهذا هو الأقرب إلـیٰ الـبلاغـة ووجوه الـمعانی الـرادعـة عن الـتحاقهما بالـظالـمین. واللّٰه هو الـمعین.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 437