سورة البقرة

البحث الأوّل : حول حرمة العداوة

البحث الأوّل

‏ ‏

حول حرمة العداوة

‏ ‏

‏یستظهر من قولـه تعالـیٰ: ‏‏«‏بَعْضُکُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ‏»‏‏ أنّ الـعداوة ممنوعـة‏‎ ‎‏تشریعاً شرعاً ومنهی عنها ومبغوضـة جدّاً إلاّ بالـدلیل.‏

‏اللهمّ إلاّ أن یقال: إنّ الآیـة الـشریفـة حکایـة عن الـعداوة الـخارجیـة‏‎ ‎‏الـتی وجدت بنفس قولـه تعالـیٰ: ‏‏«‏بَعْضُکُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ‏»‏‏؛ بمعنیٰ أنّـه لـم‏‎ ‎‏تکن عداوة حسب الـفطرة، وهی فطرة اللّٰه الـتی فطر الـناس علیها، ثمّ تکوّنت‏‎ ‎‏تلک الـعداوة لمصالـح شتّیٰ غیر خفیّـة علیٰ ذوی الألباب، فلا تدلّ الآیـة ـ‏‎ ‎‏علیٰ هذا ـ علیٰ مبغوضیـة الـعداوة. نعم تجوز دعویٰ أنّـه یمکن الـجمع بین‏‎ ‎‏کون الـعداوة مرادة تکوینیاً وبین کونها منهیّاً عنها تشریعاً، وقصّـة الـجبر‏‎ ‎‏وکیفیـة الـجمع بین الإرادة الـتکوینیـة والـتشریعیـة الـمتخالـفـة موکولـة‏‎ ‎‏إلـیٰ محلّـه وأهلـه، وقد تحرّرت فی هذا الـسفر الـصغیر والـکتاب الـقصیر‏‎ ‎‏رشحـة من هذه الـمسألـة، وتفصیلها بمبادئها یُطلب من «الـقواعد الـحِکَمیـة»‏‎ ‎‏الـتی حرّرناها فی الـبحوث الـعقلیـة والـمسائل الـفلسفیـة.‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 444