سورة البقرة

الوجه الأوّل : الارتباط بین الآیات

الوجه الأوّل

‏ ‏

الارتباط بین الآیات

‏ ‏

‏تری نهایـة الانسجام وشدّة الـتلائم بین هذه الآیات الـمتکفّلـة بدعوة‏‎ ‎‏بنیإسرائیل، وتلک الآیات الـراجعـة إلـیٰ خلقـة آدم وقصّتـه، وقال اللّٰه‏‎ ‎‏تعالـیٰ بنحو عامّ ‏‏«‏وَالَّذِینَ کَفَرُوا وَکَذَّبُوا بِآیَاتِنَا أُولٰئِکَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِیْهَا‎ ‎خَالِدُونَ‏»‏‏ثمّ أردف کلامـه بقولـه: ‏‏«‏یَا بَنِیإِسْرَائِیلَ‏»‏‏، وخاطبهم بقولـه:‏‎ ‎‏«‏وَلاَتَکُونُوا أَوَّلَ کَافِرٍ بِهِ وَلاَتَشْتَرُوا بِآیَاتِی ثَمَناً قَلِیلاً‏»‏‏ فاختار اختصاص‏‎ ‎‏الـیهود وهم أشدّ عداوة للمسلمین وأکثر عناداً لـلإسلام، بعد تلک الـطریقـة‏‎ ‎‏الـجاریـة الـساریـة بالـخطاب، شارعاً فی دعوتهم بلسان لـیّن مذکّراً‏‎ ‎‏إیّاهم بنعم الـدنیا، وأنّـه تعالـیٰ یُعاملهم بالـوفاء بالـعهد.‏

‏فعلیٰ هذا فی هذه الآیات نهایـة الـربط مع ما سلف؛ بالـوجـه‏‎ ‎‏الـمناسب لغایـة الـبلاغـة ونهایـة الـفصاحـة، وترجیح جانب هذه الـطائفـة‏‎ ‎‏لاهتمام الإسلام بدمجهم فی الـمسلمین؛ لـشدّة خباثتهم وبغضهم وتوغّلهم فی‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 537
‏الـدنیا، فتشریفاً لشأنهم کی یتمکّن من تأثیر الـدعوة الإسلامیـة قدّمهم علیٰ‏‎ ‎‏سائر الأصناف والـنصاریٰ مع أنّ فی الـمدینـة فی عصر الـوحی والـتنزیل‏‎ ‎‏کانوا کثیرین، کما أنّهم کانوا یتردّدون إلـیها لـمقاصدهم، ولا داعی إلـیٰ الـقول‏‎ ‎‏بأنّـه خطاب عامّ، وإنّما أخذ عنوان بنی إسرائیل لـکذا وکذا، وهکذا لا داعی‏‎ ‎‏إلـیٰ الـقول بأنّـه خطاب لأولاد الـصلب من یعقوب، وفیهم الـنصاریٰ، فإنّها‏‎ ‎‏قلیلـة جدّاً.‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 538