سورة البقرة

الوجه الثالث : إضافة النعمة إلیٰ بنی إسرائیل

الوجه الثالث

‏ ‏

إضافة النعمة إلیٰ بنی إسرائیل

‏ ‏

‏ربّما یتوهّم أنّ الـخطاب الـعامّ الـشامل للسابقین واللاحقین، لایناسب‏‎ ‎‏عصر الـنبوّة الـحقّـة الـباقیـة، بعد کون الـمراد من الـنعمـة هی تلک الـنعمـة،‏‎ ‎‏مع أنّ اختصاص الإضافـة بهم غیر مناسب للبلاغـة لأعمّیـة الـرسالـة.‏

وغیر خفیّ:‏ أنّ کلّ ذلک حذراً عن خصومتهم الـمُلِدّة، وهم فی الـخصام‏‎ ‎‏متمادون وأعمّیـة الـخطاب للسابقین غیر مسموعـة، ومن تأخّر فهو مندرج فی‏‎ ‎‏هذه الـنعمـة وتلک الإضافـة لـتعیـین ضمائرهم إلـی الـحقّ ولتوجیـه الاُمّـة‏‎ ‎‏الإسلامیـة إلـیٰ کیفیـة الـمنهج فی الـدعوات الإسلامیـة، وأنّه لاخیر فی کثیر‏‎ ‎‏من دعواهم الـمشفوعـة بالـخشونـة والـبربریـة.‏

‏هذا، مع أنّ الأشبـه کون الـنعمـة أعمّ من نعمـة الـرسالـة الـخالـدة،‏‎ ‎‏ورسالـة موسی ‏‏علیه السلام‏‏، وسائر نعم اللّٰه تعالـیٰ علیهم وعلیٰ آبائهم، ومنها کونهم‏‎ ‎‏فی الـمدینـة وبعض ضواحیها من بنی قریظـة والـنضیر الـذین کانوا من أولاد‏‎ ‎‏یعقوب ـ علیٰ ما قیل ـ وإن کان الأظهر هی نعمـة الـرسالـة الـخالـدة؛ بشهادة‏‎ ‎‏شرافتها للذکر، ولإضافتها إلـیـه تعالـیٰ، ولکونها نعمـة عنده تعالـیٰ،‏‎ ‎‏ولمناسبـة الـجملـة الـتالـیـة ‏‏«‏أَوْفُوا بِعَهْدِی أُوفِ بِعَهْدِکُمْ‏»‏‏، وهکذا فلا یلزم‏‎ ‎‏علیٰ کلٍّ خلاف وجـه من وجوه الـبلاغـة.‏

وربّما یتوهّم‏ أو یقال: إنّ فی الآیـة تذکیراً بنعمـة رسالـة موسیٰ ‏‏علیه السلام‏‏،‏‎ ‎‏وهو أبوهم ومنهم.‏


کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 539
‏وعندی أنّـه خلاف طریقـة الـدعوة؛ ضرورة أنّ إحیاء الـتراث الـعلمی‏‎ ‎‏والأدبی یمنع عن الاعتراف بالحوادث الناسخة لتلک النعم والـمناقب ـ واللّٰه‏‎ ‎‏العالم ـ فما فی جملة من الـتفاسیر الـکبیرة والـصغیرة غیر ظاهر، فلیراجع.‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 540