سورة البقرة

الوجه العاشر : حول الأمر بالصبر

الوجه العاشر

‏ ‏

حول الأمر بالصبر

‏ ‏

‏ربّما یخطر بالـبال أنّ الـصبر هنا إشارة إلـیٰ ما کانوا یخافون منـه‏‎ ‎‏الـمشار إلـیـه بقولـه تعالـیٰ: ‏‏«‏وَإِیَّایَ فَارْهَبُونِ‏»‏‏، ‏‏«‏وَإِیَّایَ فَاتَّقُونِ‏»‏‏، أو‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 545
‏یناسب الـصوم، ولابأس بکونـه لـلأعمّ أخذاً بمناسبـة الـصدر والـذیل، وهی‏‎ ‎‏الـصلاة، ولکن هناک أخطار اُخرهو توصیف الـصلاه الـتی لـیست إلاّ أفعالاً‏‎ ‎‏جزئیـة لاتطول إلاّ دقیقـة أو دقیقات، وهذا غیر معهود، فلا یصحّ ذلک، ولاسیّما‏‎ ‎‏بقولـه: ‏‏«‏لَکَبِیرَةٌ إِلاَّ عَلَی الْخَاشِعِینَ‏»‏‏، والاستثناء یدلّ علیٰ أنّـه لـیس بنحو‏‎ ‎‏الادّعاء والـمجاز، الـمتعارف فی سائر الأسالـیب الـکلامیـة.‏

وعلیٰ هذا لابدّ من حلّ الـمشکلـة وهو:‏ أنّ ما نجد فی أنفسنا ـ معاشر‏‎ ‎‏الـمصلّین ـ أنّ الـصلاة ـ مع أنّها خفیفـة الأفعال والأقوال، وقصیرة الـوقت‏‎ ‎‏والأوان صعبـة جدّاً مستصعبـة حقیقـة علیٰ الإنسان وتکلیف شاقّ واقعاً، وما‏‎ ‎‏هو إلاّ لاحتوائها علیٰ الـمعراج الـحقیقی، واشتمالـها علیٰ الـرجوع إلـیٰ اللّٰه‏‎ ‎‏والـحضور عنده تعالـیٰ، فکان کبرها مربوطاً بعالـم آخر غیرعالـمنا، وهذا من‏‎ ‎‏معجزات الـکتاب الـکریم، فکیف یدرک هذه الـثقالـة فیها الـمحسوسـة عند‏‎ ‎‏الإتیان بها، مع أنّـه لایحسّ ذلک بحسب مقام الـدنیا والاشتغال، وإلاّ فهو أمر‏‎ ‎‏بسیط خفیف جدّاً فی مقابل سائر الـمشاغل الـدنیویـة والأعمال الـیدویـة‏‎ ‎‏والـجسمانیـة؟! واللّٰه هو الـمحیط.‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 546