سورة البقرة

البحث الأوّل : حول وجوب الوفاء بالعهد

البحث الأوّل

‏ ‏

حول وجوب الوفاء بالعهد

‏ ‏

‏أنّ مقتضیٰ إطلاق الأمر بالـوفاء بالـعهد، وهو الـقرار الأعمّ من‏‎ ‎‏الـمقرّرات الإلهیـة الـمعبّر عنها بالـتکالـیف، ومن الـمقرّرات بین الـخلق‏‎ ‎‏بعضهم مع بعض، فتکون الآیـة من قبیل قولـه تعالـیٰ: ‏‏«‏أَوْفُوا بِالْعُقُودِ‏»‏‎[1]‎‏.‏

‏وفیـه ـ مضافاً إلـیٰ ما سیأتی من الـمناقشات الـمحرّرة عندنا فی‏‎ ‎‏موسوعتنا الـفقهیـة حول الآیـة الـمشار إلـیها ـ أنّ الآیـة لا إطلاق لـها؛‏‎ ‎‏لـظهور إضافـة الـعهد إلیـه تعالـیٰ فی الـعهد الـخاصّ الـمقرّر من قِبَلـه‏‎ ‎‏تعالـیٰ علیهم وعلیٰ کافّـة الـناس ولو لـم یکونوا یهوداً؛ لأنّهم لابدّ وأن یکونوا‏‎ ‎‏قبل الإسلام نصاریٰ بعد ما کان آباؤهم الـسالـفون یهوداً، وعند ذلک لاینعقد‏‎ ‎‏الإطلاق کی یشمل مطلق الـعهود، وتکفی للقرینـة جملـة «بِعَهْدِکُمْ» ممّا فیـه‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 552
‏الـثواب والأجر مثلاً.‏

‏ولو استشکلت فی الـجملـة الأخیرة؛ لأنّ ظاهرها کون الـعهد من قِبَل‏‎ ‎‏بنیإسرائیل ـ مثلاً ـ لامن قِبَل عهد اللّٰه لـهم بالـثواب، للزوم کونـه أیضاً عهده،‏‎ ‎‏فیکون مثل الـعهد الأوّل فی الإضافـة، فهو إشکال علیٰ الآیـة یأتی ـ إن شاء‏‎ ‎‏اللّٰه ـ حلّـه، ویورث إجمالاً وإبهاماً یشکل عقد الإطلاق، فالآیـة لاتدلّ علیٰ‏‎ ‎‏وجوب الـوفاء بمطلق الـعقود، مع أنّ جملـة ‏‏«‏وَإِیَّایَ فَارْهَبُونِ‏»‏‏ أیضاً خلاف‏‎ ‎‏الـعموم الـمذکور علیٰ الأشبـه، مع عدم فهم الـمفسّرین ذلک منها.‏

‏هذا، مع أنّ الأقوال فی معنیٰ الـعهد بلغت إلـیٰ الأربع والـعشرین، کما‏‎ ‎‏فی «الـبحر الـمحیط»‏‎[2]‎‏، والاختلاف الـمذکور یوجب إعضال الـفاضل فی‏‎ ‎‏ظهور الآیـة الـشریفـة، إلاّ أنّ الإنصاف أجنبیّتها عن مسألـة الـعقود‏‎ ‎‏الـمعاملیـة إطلاقاً وعموماً، مع أنّ اختصاص الـصدر بالـعنوان الـخاصّ ـ وهو‏‎ ‎‏بنو إسرائیل ـ أیضاً مخالـف لـما ذکرناه.‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 553

  • )) المائدة(5) : 1.
  • )) البحر المحیط 1 : 174 ـ 175.