الأمر الأوّل
جواز الأمر بغیر المقدور
هذه الآیات وأشباهها تدلّ علی جواز الأمر بغیر الـمقدور، وهو الـرهب والاتّقاء الـقلبی والإیمان والـکفر الـقلبیّان، والأمر بالـصلاة والـزکاة الـغیر الـصحیحین إلاّ مع الإیمان والإسلام، أیضاً أمر بغیر الـمقدور، وأیضاً الأمر بالـصبر والاستعانـة بالـصلاة، والإتیان بها وبالـزکاة، أمر بالـقبیح، فیعلم منـه جواز الأمر بما هو الـقبیح عند الـعقلاء؛ وان لـم یکن قبیحاً عند الـعقل؛ بناء علیٰ مقالـة طائفـة من الأشعریـین.
والذی هو التحقیق: أنّ الإیمان والإسلام وکافّـة الاُمور الـقلبیـة من الاُمور الاختیاریـة إلاّ أنّ الاُمور الاختیاریـة مختلفـة: فمنها الاُمور الـجوارحیـة، فهی قریبـة إلـیٰ الاختیار وآنیـة الاختیار والاُمور الـروحیـة والـجوانحیـة زمانیّـة الاختیار، وبعیدة عن الإرادة، إلاّ أنّها قابلـة للعلاج بالـضرورة، ولیست هذه الاُمور ذاتیـة باب الإیساغوجی، ولا باب الـبرهان،
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 564
فإنّ الـصفات الـحمیدة والـطیّبـة والـخبیثـة والـسیّئـة اختیاریـة، تحصل طیلـة الأزمان والأحیان بالـجهد والـتعب والـمحاسبـة والـدقّـة، فلاتغفل.
وعند ذلک لاقبح فی هذه الأوامر من هذه الـجهـة.
وأمّا بالـنسبـة إلـیٰ الـصلاة والـزکاة فیکفی إظهارهم الإسلام ولو کانوا متردّدین بحسب الـروح والـقلب، وحیث إنّ الاعتراف أمر اختیاریّ، فالأمر بالـصلاة والـزکاة حال الـکفر، کالأمر بالـصلاة حال الجنابـة، فلایلزم الأمر بالـقبیح الـعقلائی.
وأمّا انتفاء الـقبح الـعقلی فلثبوت الاختیار عندنا، فإنّ ظلّ الـفاعل الـمختار مختار وتفصیلـه فی «قواعدنا الـحِکَمیـة»، ولعلّـه یأتی بعض الـبحث حول الـمسألـة فی الـمناسبات الاُخر.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 565