المبحث الثالث
حـول کلمة «کلّما»
ق الـوا فی کلمـة «کلّما»: إنّها مرکّبـة من «کلّ» و«ما» الـمصدریـة، وهی الـظرفیّـة؛ أی الـنائبـة عن الـظرف، فـ «کلّ» من «کلَّما» منصوب علیٰ الـظرف؛ لإضافتـه إلـیٰ شیء هو قائم مقامـه، وناصبـه الـفعل الـذی هو جواب فی الـمعنیٰ.
وقال الـسیوطی: وقد ذکر الـفقهاء والاُصولیّون: أنّ «کلّما» للتکرار، وقال ابن حیّان: وإنّما ذلک من عموم «ما»: لأنّ الـنظر فیـه مراد بها الـعموم وکلّ أکّدتـه. انتهیٰ.
وقال ابن هشام: وجاءتها الـظرفیـة من قِبَل «ما»، فإنّها محتملـة لوجهین: الأوّل أن تکون حرفاً مصدریّاً، و الـجملـة بعده صلـة لـه، فلا محلّ لها، والأصل فی قولـه تع الـیٰ «کُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَـٰا مِنْ ثَمَرةٍ رِزْقاً قَالُوا»؛ أی کلّ وقت رزق... إلـیٰ أن قال:
و الـثانی: أن تکون «ما» نکرة بمعنیٰ وقت، فلا یحتاج علیٰ هذا إلـیٰ
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 213
تقدیر وقت و الـجملـة بعده فی موضع خفض علیٰ الـصفـة، ثمّ ضعّف الأخیر، فمن شاء فلیُراجعْ. انتهیٰ ما ق الـوه.
والذی یظهر لی: أنّ هذه الـمرکّبات ـ الـراجعـة عند الـنحاة إلـیٰ الـبسائط الأوّلیـة لیست ک الـمرکّبات من الـجمل الـناقصـة أو الـتامّـة؛ ضرورة أنّ تلک الـمرکّبات لیست لها وضع علیٰ حِدَة، و الـقول بتعدّد الـوضع من الأباطیل ب الـبداهـة.
وأمّا هذه الـمرکّبات فلا منع من دعویٰ بساطتها وضعاً، وإن کانت مرکّبـة صورة من کلمـة «کلّ» الـتی لها الـوضع الـخاصّ، ومن کلمـة «ما» هکذا، ولا دلیل علیٰ ترکّبها منهما، ولاسیّما بعد انقلاب شکلها؛ ضرورة أنّ «کلّما» لا تقرأ إلاّ علیٰ وجـه واحد، کما لا تُکتب إلاّ ک الـواحدة، بخلاف «کلّ» الـداخلـة علیٰ ما، فإنّها تختلف إعراباً باختلاف الـعوامل، وتکتب منفصلـة؛ فرقاً بین «کلّما» الـشرطیّـة الـزمانیـة، وبین الاسم الـداخل علیٰ «ما» الـموصول وغیره.
فبالجملة: «کلّما» من أداة الـشرط إلاّ أنّها مثل «إذ» و«إذا» ظرفیـة وقتیـة، وتحتاج إلـیٰ الـجواب، کما تریٰ فی کافّـة استعمالاتها.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 214