سورة البقرة

الوجه الثالث : حـول جعل الأرض فراشاً

الوجه الثالث

‏ ‏

حـول جعل الأرض فراشاً

‏ ‏

‏هذه الآیـة لأجل کونها فی محطّ توجیـه  الـخلق إلـیٰ عبادة اللّٰه،‏‎ ‎‏اشتملت علیٰ ما یرغّبهم إلـیها وإن لم یکن بحسب  الـواقع صحیحاً؛ ضرورة أنّ‏‎ ‎‏الأرض لم تُجعل فراشاً لأجل الإنسان، فإنّ الأفعال الإلهیّـة والأعمال  الـربّانیـة‏‎ ‎‏تستند إلـیٰ  الـغایـة  الـقصویٰ وهی ذاتـه تع الـیٰ، والأرض جعلت فراشاً‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 360
‏حسب عللها  الـطبیعیـة وأسبابها  الـمقتضیـة،  الـمنتهیـة إلـیٰ افتراشها فی‏‎ ‎‏موضع وعدم افتراشها فی موضع آخر مع أنّ کثیراً من  الـکرات  الـسماویـة‏‎ ‎‏تکون مفروشـة من غیر کونها مسکونـة.‏

أقول: لهذا الکلام وجهان:

‏الأوّل:‏‏ ما یأتی فی  الـبحوث  الـعقلیّـة، وأنّ غایـة الأفعال الإلهیّـة ماذا؟‏

الثانی:‏ ما یتعلّق ب الـبحوث الأدبیـة، وعلیٰ هذا  الـمنظر یصحّ أن یقال:‏‎ ‎‏إنّ  الـلام کثیراً ما یأتی للغایـة  الـمصطلح علیها فی  الـنحو، و الـمعبّر عنـه فی‏‎ ‎‏ الـکتب  الـعقلیّـة بما إلـیـه  الـحرکـة، فی قبال ما لأجلـه  الـحرکـة، وعلیٰ هذا‏‎ ‎‏تنحلّ  الـمعضلـة  الـمزبورة، فإنّ الأرض مفروشـة إلـیٰ استفادة  الـخلق منـه،‏‎ ‎‏فیکون ثمرة افتراش الأرض للإنسان؛ وإن لم یکن أصل جعلـه فراشاً لأجل‏‎ ‎‏سهولـة الأمر علیهم فی معاشهم ونومهم وحیاتـهم.‏

‏وأمّا حلّ  المشکلة الأخیرة: وهو أنّ الأرض لیست مفروشـة بمجموعها،‏‎ ‎‏فهو أنّ افتراش کثیر من قطعاتها یکفی، مع أنّ من  الـممکن أن تکون  الـجبال‏‎ ‎‏دخیلـة فی حسن  الـفراش وفی الانتفاع منـه ب الـنحو الأعلیٰ والألیق. هذا، مع‏‎ ‎‏أنّ الألف و الـلام فی کلمـة «الأرض» لا تدلّ علیٰ الاستغراق.‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 361