الأمر الرابع: فی صحّة بیع الفضولیّ مع عدم سبق المنع
الـمشهور والـمعروف ممّن حفظ عنـه الـعلم؛ صحّـة بیع الـفضولیّ فیما إذا باع لـلمالـک؛ مع عدم سبق الـمنع من قِبَلـه قَبْلـه، وعن «الـتذکرة» دعوی الإجماع علیـه.
وصریح «الـخلاف» خلافـه حیث قال: «إذا باع الإنسان ملک غیره بغیر إذنـه، کان الـبیع باطلاً، وبـه قال الـشافعیّ.
وقال أبو حنیفـة: ینعقد الـبیع، ویقف علیٰ إجازة الـمالـک، وبـه قال قوم من أصحابنا.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب البیع (ج. ۲)صفحه 21
دلیلنا إجماع الـفرقـة، ومن خالـف منهم لایعتدّ بقولـه» انتهیٰ.
وإلـیـه ذهب فخر الـدین وبعض متأخّر الـمحدّثین؛ ظنّاً أنّ الـعمل الـصادر منـه لـیس قابلاً لـلتنفیذ، ولا قابلاً لـلانقلاب والاتصاف:
أمّا الثانی: فلأنّ الـسبب الـناقص إذا لـم یکن بیعاً، ولا عقداً، ولا موضوعاً لاعتبار الـنقل والانتقال عقیبـه، فلایعقل اتصافـه بها بالإجازة؛ لأنّها تـتعلّق بهذه الـعناوین، فیلزم الـدور إذا کانت مسبّبةً عن هذه الإجازة.
وأمّا الأوّل: فلحکم الـعقلاء بذلک، ومجرّد الإطلاق الـمشحون بالـتسامح غیر کافٍ، فالأدلّـة الإمضائیّـة قاصرة بذاتها عن تنفیذه. مع أنّ الـعمومات فی محلّ الـمنع؛ لـما قد عرفت. وبناء الـعقلاء علیٰ ترتیب الأثر علی الإجازة الـلاحقـة، لا لأجل أنّها إجازة الـبیع الـسابق، بل هی عندهم نفس الـبیع؛ لأنّـه لـیس إلاّ الـتبادل الـمظهَر بأیّ مظهر کان.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب البیع (ج. ۲)صفحه 22