بقی شیء : فی أنّ جریان الکشف فی الإقالـة والفسخ لا یستلزم جریانه فی الإجازة
إذا حکم الـعقلاء بالـکشف فی مورد فیعلم منـه: أنّ ذلک أمر ممکن ومطابق لـلقاعدة، وهذا فیما لـو باع داره، ثمّ بعد مضیّ سنـة استقالـه الـمشتری فأقالـه، وقد استوفیٰ الـمنافع فی تلک الـسنـة، فإن أقالـه من الـحین فالـمنفعـة الـمستوفاة کانت من ملکـه، فإن قلنا: بأنّ الإقالـة تفید
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب البیع (ج. ۲)صفحه 156
انفساخ الـعقد من الأوّل؛ لأنّ الإقالـة من الـحین تستلزم کون الـزمان داخلاً فی مفاد الإنشاء الإقالـیّ، الـذی هو تابع لـلعقد الـذی تقع فیـه الإقالـة،فإن کان من قبیل الـبیع فلامعنیٰ لاعتبار الإقالـة من الـحین والـحال، وإن کان من قبیل الإجارة فلـه الإقالـة من الـحین، وهذا هو الإشکال الـذی عرفتـه آنفاً عن الـشیخ، وقد مرّ بجوابـه.
أو قلنا: بأنّ أمر الإقالـة کالإجازة بید الـمالـک لـلعقد، فهو بالـخیار، فأقالـه من الأوّل، فلابدّ من ردّ قیمـة الـمنفعـة الـمستوفاة؛ لأنّها تکون من ملک الـمشتری، وما هذا إلاّ لأجل الـکشف؛ وأنّ بالإقالـة یکشف أنّ الـمنفعـة الـمستوفاة کانت من الـبائع.
ولیس الـفسخ عقداً، ولا جزءً لاقتضاء الـعقد کالإجازة؛ حتّیٰ یتمّ الـسبب بها، بل الـفسخ هو حلّ الـعقد، ومقتضیٰ ذلک عرفاً وعقلاً رجوع کلٍّ من الـعوضین إلـی الـمالـک الأوّل.
فبالجملة: لاشبهـة فی الـمثال الـمعروف؛ من أنّ الـبائع لایستقیل إلاّ بأخذ اُجرة الـسنـة، ولایعقل ذلک إلاّ برجوع الـمنفعـة إلـیٰ ملکها، أو اکتشاف أنّ الـمنفعـة کانت فی ملکـه، وحیث لا وجـه لـلأوّل؛ لـعدم الـسبب لـلرجوع، فلابدّ من الاکتشاف. وما قیل علی الـقول بالـکشف فی الإجازة، یأتی علیٰ هذه الـمقالـة فی الإقالـة الـمفروضـة.
أقول أوّلاً: الـمعروف والـمشهور بل وهو الـمتّفق علیـه «أنّ الـفسخ
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب البیع (ج. ۲)صفحه 157
حلّ لـعقد من الـحین» لأنّ الـعقدة الـباقیـة تنحلّ بـه، ولو کان حلّـه من الأوّل فهو اعتبار إعدام الـعقد کما لایخفیٰ، وقد ادّعیٰ الأصحاب أنّـه من الأمر لـواضح.
وثانیاً: الالتزام بالـکشف هنا، لایستلزم کونـه مطابقاً لـلقاعدة فی الإجازة؛ ضرورة أنّ الـفسخ لـو کان عقداً جدیداً ـکما احتملـه بعض، أوقوّاه - فلا منع من تقویـة کونـه سبباً لـلنقل من الأوّل، فکونـه کاشفاً لأجل سقوط سببیّتـه، وإذا کانت الإجازة دخیلـة فی الـناقلیّـة، وکانت متعلّقـة بالـعقد الـمقتضی لـلنقل من الأوّل، فلابدّ من الـقول بالـنقل إمّا من الـحین، أو من رأس، ولاتصل الـنوبـة إلـی الـکشف.
وبعبارة اُخریٰ: من مقدّمات الـقول بالـکشف فی الـفسخ الـمزبور؛ عدم کونـه سبباً، ولا جزء سبب، وهذا لایتمّ فی الإجازة بالـضرورة.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب البیع (ج. ۲)صفحه 158