المرحلة الثانیة : فی اختلاف اقتضاء الکشف والنقل فی الشرائط
ضرورة أنّ قضیّـة الـکشف الـحقیقیّ هو الـنقل من الأوّل ثبوتاً، فلابدّ من کون الـعقد جامعاً لـلشرائط من الأوّل.
ولو کان فاقداً فهل یمکن تصحیحـه من حال وجود الـشرط علی
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب البیع (ج. ۲)صفحه 336
الـکشف، أم لا؟ وجهان مضی فی الـمسألـة الـسابقـة سبیلهما، وقد قوّینا الأوّل؛ وذلک لأنّ نزاع الـکشف والـنقل مخصوص بالـعقد الـجامع، وإذا صار جامعاً فیصیر مؤثّراً، ولما تقرّر: من أنّ خروج الـعقد فی برهـة من الـزمان عن الإطلاق الأزمانیّ، لایضرّ بشمول الـعموم الأفرادیّ لـه بعد ارتفاع الـمانع ، والـتفصیل فی مقام آخر.
والـعجب من الـوالـد الـمحقّق ـمدّظلّه - حیث منع صحّـة الـکشف هناک؛ معلّلاً بعدم تحقّق الـمضمون والإنشاء، وصحّحـه هنا!!
فبالجملة: مفاد الإنشاء وإن کان غیر مشتمل علی الـزمان، ولکنّـه منطبق علیـه، فإذا کان واجداً لـلشرائط فیؤثّر قهراً، وإلاّ فیؤثّر بعد الاستجماع بالـضرورة.
وإذا صار واجداً لـها حین الإجازة فیصحّ علی الـنقل؛ لـما تقرّر منّا : من أنّ امتناع الـتصحیح علی الـکشف لایورث بطلان الـعقد، ولایستلزم سلب الـصحّـة الـتأهّلیـة وانسلاب قابلیّتـه عن لـحوق الإجازة، فما اشتهر: «من أنّ قضیّـة الـقواعد هو الـکشف، فإن أمکن هو فهو، وإلاّ فالـعقد باطل» فهو فی غیر محلّـه عندنا؛ لـما مضیٰ من أنّ هذا لایستلزم ذاک، فاغتنم.
هذا إذا قلنا : بأنّ الـکشف علیٰ وفق الـقواعد.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب البیع (ج. ۲)صفحه 337
وإذا قلنا: بأنّـه علیٰ خلافها، فالـقول بالـنقل عند عدم إمکان الالتزام بالـکشف متعیّن؛ لأنّـه علی الـقواعد.
ومن هنا یتّضح حال الـکشف الـتعبّدی؛ بناءً علیٰ کون الـمتعبّد بـه تأثیر الـعقد من أوّل وجوده، وهکذا کشف الـمحقّق الـرشتیّ قدس سره، فکلّ من یری الانتقال من حین الـعقد ثبوتاً ، فلابدّ من أن یراعی جمیع الـشرائط، وإلاّ فلایحصل الأثر.
وأمّا توهّم شرطیّـة استمرار الـشرائط إلـیٰ حال الإجازة بعد حصول الـنقل، فهو مناقض لـلکشف؛ لأنّ لازم ذلک الـتزامـه بشرطیّـة بقائها إلـیٰ آخر الـدهر؛ لـعدم الـفرق، فإنّ الإجازة علی الـکشف الـحقیقیّ وما بحکمـه معناها لیس إلاّ الـجزء الـمتأخّر الـدخیل بعد حصول معلولـه قبلـه، فإذا حصل الـمعلول فلا معنی لـشرطیّـة بقاء سائر أجزاء الـعلّـة.
وهذا نظیر أن یعتبر بقاء ألفاظ الـعقد إلـیٰ حالـها، أو من قبیل شرطیّـة بقاء اتحاد الـقیمـة الـسوقیّـة إلـیٰ حالـها، فلو کان حین الـعقد معاملـة غیر غبنیّـة، ثمّ بعد الإجازة علم باختلاف الـقیمـة الـسوقیّـة بعد الـعقد، فیکون علی الـتوهّم الـمزبور هو بالـخیار، وهذا واضح الـمنع.
وبالجملة: بعد انتقال الـملک إلـیـه واقعاً لا معنیٰ لـشرطیّة الـبقاء أصلاً.
وممّا مضیٰ فی الـمرحلـة الاُولیٰ یظهر حال الـکشف الانقلابیّ، فإنّ الـشرائط لـیست معتبرة علیـه حال الـعقد کما علی الـنقل؛ لأنّ الأثر مترتّب من حین الإجازة من الأوّل، فلایؤثّر الـعقد بوجوده الإنشائیّ حتّیٰ یلزم
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب البیع (ج. ۲)صفحه 338
واجدیّتـه لـلشرائط، بعد قصور الأدلّـة فرضاً عن إثبات ذلک.
فما قیل من عدم الـفرق بین الـکشف والـنقل، غیر سدید، وإحداث الـفرق بین أنحاء الـکشف ممکن لایهمّنا ذکره.
وتوهّم: أنّ الـکشف الانقلابیّ من أقسامـه، ممنوع جدّاً، کما مضیٰ، بل هو من أقسام الـنقل؛ لـما مضیٰ من أنّ مدار الـکشف علیٰ تأثیر الـعقد من الأوّل ثبوتاً، لا إثباتاً، ومدار الـنقل علیٰ تأثیر الـعقد بعد الإجازة ثبوتاً وإثباتاً؛ سواء کان الـنقل من حینها، أو من الأوّل، فافهم وتأمّل.
فبالجملة تحصّل: أنّـه علی الـکشف لابدّ من استجماع الـعقد لـجمیع الـشرائط حینـه، وعلی الـنقل لابدّ من استجماعـه لـها حینها، وأمّا شرط استمرار الـشرائط من حال الـعقد إلـیٰ حال الإجازة أو بالـعکس، فهو منفیّ؛ لعدم الـوجـه لـه أصلاً.
وأمّا علیٰ ما سلکناه من أنّ الـکشف والـنقل بید الـمالـک الـظاهریّ، ولایکونان خارجین عن اختیاره، فهو غیر الـکشف الـحقیقیّ، بل هو من قبیل الـکشف الانقلابیّ، أو الـحکمیّ والـتعبّدی؛ بمعنیٰ إلـزام الـشیء بترتیب آثار الـعقد من حین الإجازة من الأوّل، وعلیهما لابدّ من استجماع الـعقد لـلشرائط حال الإجازة، فلاتخلط.
إن قلت : لابدّ من اعتبار الاستمرار، وإلاّ یلزم لـغویّـة الـعقد؛ لأنّ
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب البیع (ج. ۲)صفحه 339
الـخلّ إذا صار خمراً یخرج عن الـملک، ولایبقیٰ أثر لـلإجازة الـلاحقـة، وهکذا سائر الـشروط الـمعتبرة فی الـعوضین.
قلت: خروجـه عن الـملک لایورث سقوط حقّ الاختصاص الـثابت بالـعقد لـلمشتری، فالإجازة مفیدة. هذا مع أنّـه یشبـه الـعقد الـثانی قبل الإجازة، فإنّـه مخرج عن الـملک واقعاً مع لـزوم الإجازة بالـنسبـة إلـی الـعقد الأوّل، فالـخروج إذا کان مستتبعاً لـغرض وأثر عقلائیّ، لایستلزم لـغویّـة الـعقد.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب البیع (ج. ۲)صفحه 340