القول فی الفضولی

توهّم وقوع المبادلة فی بعض أنحاء الغرامات وجوابه

توهّم وقوع المبادلة فی بعض أنحاء الغرامات وجوابه

لایقال:‏ الـظاهر وقوع الـتبادل فی بعض أنحاء الـغرامات، کما إذا وطأ ‏‎ ‎‏الـحیوان، أو أتلفـه وقتلـه، أو أتلفـه بتلف عرفیّ کالـغرق ونحوه، فغرم ‏‎ ‎‏لـصاحبـه، فإنّ الـحیوان وجثّتـه لـلغارم عرفاً، بل قد مضی أنّـه مستفاد من ‏‎ ‎‏بعض الأخبار الـواردة فی تغریم الـواطئ‏‎[1]‎‏، ومنه یعلم عمومیّـة ذلک فی ‏‎ ‎‏سائر الـمواضیع.‏


کتابتحریرات فی الفقه: کتاب البیع (ج.3)صفحه 28
لأنّا نقول أوّلاً:‏ لورجع الحیوان المقتول والمائت إلی الـحیاة الدنیویّة، ‏‎ ‎‏فالـعرف یری أنّـه راجع إلـی مالـکـه الأوّل، وقد مضی أنّ جمعاً منهم قالـوا ‏‎ ‎‏فی الـتلف الـعرفیّ: بأنّـه بعد الاستیلاء علی الـعین الـغائبـة یجب علیـه ‏‎ ‎‏إرجاعها إلـی صاحبها ومالـکها ، ویکون ما أدّی إلـیـه بدل الـحیلولـة.‏

وثانیاً:‏ لا منع من الالتزام بأنّ فی هذه الـمواقف، نوعَ إعراض وصلح ‏‎ ‎‏ورفع ید عن حقّ الاختصاص، کما لایخفی.‏

وثالثاً:‏ القضایا الجزئیّـة لیست دلیلاً علی الکبری الکلّیة، ولا شبهة ‏‎ ‎‏فیأنّ باب الـغرامات لـیس معاوضـة؛ لا قهریّـة، ولا اختیاریّـة، وفی ‏‎ ‎‏هذهالأمثلة نلتزم ببقاء الـعین الـتالـفـة شرعاً أو عرفاً أو هما معاً، فـلاتخلط ‏‎ ‎‏أصلاً.‏

ثمّ اعلم:‏ أنّ قضیّـة وقوع الـمعاوضـة الـقهریّـة بین الـعین الـتالـفـة ‏‎ ‎‏وعوضها؛ أنّ الـلاحق یجوز لـه الـرجوع إلـی الـسابق، لأنّ یده وقعت علی ‏‎ ‎‏مالـه. وتوهّم أنّ اعتبار الـعین الـتالـفـة ملکاً لـمن رجع الـمالـک إلـیـه ‏‎ ‎‏حیثیّ، فیترتّب الأثر بالـنسبـة إلـی الـلاحق دون الـسابق، واضح الـمنع؛ ‏‎ ‎‏لـعدم الـوجـه لـلتفکیک، وسیأتی بعض الـکلام حول هذه الـمعاوضـة فی ‏‎ ‎‏الـوجوه الآتیـة.‏

‏هذا کلّـه تمام الـبحث حول عمدة الـمسائل والـوجوه الـمزبورة فی ‏‎ ‎‏مسألـة تعاقب الأیادی، وعرفت قصورها کلّها عن إثبات جواز رجوع ‏‎ ‎‏الـسابق إلـی الـلاحق مطلقاً؛ لا فی عَرْض الـمالـک، ولا فی طولـه.‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب البیع (ج.3)صفحه 29

  • ـ تقدّم فی الجزء الثانی: 421 .