الجهة الثامنة: حول أنّ ولایة الجدّ فی طول ولایة الأب فی هذا المقام

‏‏الجهة الثامنة:‏‏ ‏‏حول أنّ ولایة الجدّ فی طول ولایة الأب فی هذا المقام‏

‏‏لا شبهة حسب الـنصّ والـفتوی، فی أنّ الـجدّ یتقدّم علی الأب فی ‏‎ ‎‏عقد الـنکاح عند الـتزاحم. وثبوت هذا هنا بناءً علی الأخذ بإطلاقات ‏‎ ‎‏الـتنزیل أیضاً قویّ. ولکن قد عرفت منّا قصورها عن إفادة مرام الـقوم فی ‏‎ ‎‏هذه الـمسألة‏‎[1]‎‏، فعلی هذا کلّ واحد من الأب والـجدّ مختار فی الـتصرّف، ‏‎ ‎‏وهذا هو الـمعروف عنهم.‏

‏‏ولکن قد عرفت منّا: أنّ الـولایة الـثابتة للأب والـجدِّ، لیست إلاّ ‏‎ ‎‏لأجل قیام الـبناء الـعقلائیّ والـسیرة الـعملیّة‏‎[2]‎‏ وهی لا تفید ثبوتها للجدّ مع ‏‎ ‎‏وجود الأب، ولا دلیل شرعیّ یورث ولایة الـجدّ فی عرض الأب، ‏‎ ‎‏والـتجاوز من عقد الـنکاح إلـی هذه الـمسألة وإن کان ممکناً حسب بعض ‏‎ ‎‏الـتقاریب الـسابقة، ولکنّه یشکل الاعتماد علیها للإفتاء، فمع فقد الأب لا ‏‎ ‎‏إشکال فی تقدّم الـجدِّ، وأمّا مع وجوده ففی نفوذ تصرّفاته إشکال؛ إلاّ مع ‏‎ ‎‏توافق الأب معه، فالأب مستقلِّ، دون الـجدِّ، بل هو حینئذٍ کالأجنبیِّ؛ حسبما ‏‎ ‎‏یظهر لی، فما نسب فی بعض الـکتب إلـی الـشهرة بین الأصحاب الأقدمین؛ ‏‎ ‎
‏‎

‏‏وقد عرفت فی الـجهتین الـثالـثة والـثانیة اقتضاء بعض الإطلاقات ‏‎ ‎‏ثبوت الـولایة للجدّ‏‎[3]‎‏، ولکنّها فی صورة فقدان الأب، فلو لا مخافة احتمال ‏‎ ‎‏ وجود الإجماع فی الـمسألة، لکان هذا هو الـمتعیّن قطعاً.‏

‏‏ثمّ إنّه بعد ما فرضنا ولایته فی عَرْض ولایته، فهل یکون ضامناً إذا ‏‎ ‎‏تصرّف الآخر تصرّفاً غیر جائز، أم لا؟ مثلاً لو تصرّف الأب تصرّفاً مفسداً ‏‎ ‎‏لأموال الـصغیر، فلا شبهة فی استقرار الـضمان علیه، فهل یجوز للصغیر ‏‎ ‎‏الـرجوع إلـی الـجدّ إذا بلغ أیضاً، أم لا؟ وجهان: من أنّه أمین، ولم تثبت ‏‎ ‎‏خیانته، ومن أنّه ولیِّ، ولابدّ له من رعایة تصرّفات الآخر؛ فإنّ الـصغیر تحت ‏‎ ‎‏سلطانه حسب الـفرض، فلو أخلّ بذلک یعدّ من الـخیانة فی الـحفظ.‏

‏‏وإن شئت ففصّل بین صورتین: إن تصرّف أحدهما بدون اطّلاع الآخر ‏‎ ‎‏ولم یکن الآخر مفرّطاً ولا متعدّیاً، فلا ضمان، وإلاّ فکلّ واحد منهما ضامن، ‏‎ ‎‏ویستقرّ الـضمان علی من أتلف الـمال.‏

‏‎ ‎

‏‎

• ـ تقدّم فی الصفحة 109 ـ 111 و121 .
• ـ تقدّم فی الصفحة 139 .
• ـ تقدّم فی الصفحة 115 و116 و119 وما بعدها .