ملحق البحث وثمرة مسألة الولایة
فذلکة الکلام فی المقام : هو أنّـه تعالـی قد جعل للفقیـه کلّ ما جعلـه للإمام علیه السلام؛ من حیث رئاستـه علی کافّـة الأنام، وسلطنتـه علی سائر الـعباد، وإدارتـه لشؤون الـملّـة وإمامتـه لقیادة الاُمّـة وتنفیذ الـقوانین الـدینیـة وتطبیقها وتدبیر الـشؤون الـحیاتیـة فی الـرعیّـة وتنظیمها، والـفقهاء ـ رضی الله عنهم ـ عبّروا عن هذه الـرئاسـة الـکافلـة للأیتام بالـولایـة، وهی الـتی من آثارها الإفتاء والـقضاء وقبض ما یعود لمصالـح الـمسلمین، کأموال الـخراج والـمقاسمـة والأوقاف الـعامّـة والـنذور والـجزیـة والـصدقات ومجهول الـمالـک والـلُّقطـة قبل الـتعریف وقبض ما یعود للإمام علیه السلام من الأموال، کحقّ الإمام والأنفال وإرث من لا وارث لـه، والـتولّی للوصایا مع فقد الـوصیّ وللأوقاف مع فقد الـمتولّی، وحفظ أموال الـغائبین والـیتامی والـمجانین والـسفهاء، والـتصرّف بما فیـه الـمصلحـة لهم؛ حفظاً أو إجارة أو بیعاً أو نحو ذلک، وجعل بیت الـمال، ونصب الـولاة علی الأمصار والـوکلاء والـنوّاب والـعمّال ـ الـمعبَّر عنهم فی لسان الـفقهاء بالاُمناء ـ وتجهیز الـجنود والـشرطـة للجهاد ولحفظ الـثغور، ومنع الـتعدّیات وحمایـة الـدین وإقامـة الـحدود علی الـمعاصی والـتعزیرات علی الـمخالـفات، وإعاشتهم وتقدیر أرزاقهم وتعیـین رواتبهم، ونصب
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب البیع (ج.3)صفحه 249
الـقضاة لرفع الـخصومات وحمل الـناس علی مصالـحهم الـدینیـة والـدنیویـة، کمنع الـغشّ والـتدلیس فی الـمعایش والـمکایـیل والـموازین، وکمنع الـمضایقات فی الـطرقات، ومنع أهل الـوسائط من تحمیلها أکثر من قابلیتها، والـحکم علی الـمبانی الـمتداعیـة بهدمها، أو إزالـة ما یتوقّع منها الـضرر علی الـسابلـة، وضرب الـسکّـة وإقامـة الـصلاة وإجبار الـممتنع عن أداء الـحقوق الـخالـقیـة والـمخلوقیـة، وقیامـه مقامـه فی الأداء، وإجبار الـمحتکر والـراهن علی الأداء والـبیع، وإجبار الـشریک علی الـقسمـة، وإجبار الـممتنع عن حضور مجلس الـترافع والـخصومـة، وتسیـیر الـحجّ، وتعیـین یوم طلوع الأهلّـة، والـجهاد فی سبیل الله ـ علی إشکال فیـه ـ وإصلاح الـجسور وفتح الـطرق وحفر الـتُّرَع وصنع الـمستشفیات، وسیاسـة الـرعیّـة، وإعطاء الـرایـة والـعلم والـلواء، وتقسیم الـغنیمـة والأمر بالـمعروف والـنهی عن الـمنکر، والـدفاع عن الـحدود والـنفوس والأعراض والأموال.
وبالجملة: حلّ جمیع الـمشاکل الـفردیـة والاجتماعیـة، وتشکیل الـوزارات فی مختلف شؤون الـمملکـة. والله الـعالـم.
الطائفة الثالثة: عدول الـمؤمنین، فإنّ الـمعروف عنهم أنّ الـنوبـة تصل إلـیهم فی الـتصدّی لأموال الـصغار والـیتامی عند فقد الـفقیـه، وبعد مفروغیّـة أنّ الـشرع لا یرضی بذلک؛ أی بترک حفظ أموالـهم وبترک الـتصدّی لاُمورهم، فإنّـه عند ذلک یکون الـعدل الـمؤمن هو الـقدر الـمتیقّن من بینهم، فیجوز لـه الـتصرّف فیها، وبذلک نخرج عن إطلاق الـمنع من أموال الـغیر إلاّ بإذنـه.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب البیع (ج.3)صفحه 250