الجهة السادسة: حول تعارض أدلّة ولایة العدول مع أدلّة ولایة الفقیه

‏‏الجهة السادسة:‏‏ ‏‏حول تعارض أدلّة ولایة العدول مع أدلّة ولایة الفقیه‏

‏‏قضیّة ما تحرّر منّا: أنّه مع وجود الـفقیه الـحاکم الـزعیم، لا دلیل علی ‏‎ ‎‏نفوذ تصرّفات غیره استقلالاً؛ لقصور الأدلّة عن إثباته، وورودها فی مورد‏‎ ‎‏ عدم وجود الـحکومة الإسلامیّة الـمشروعة، ومع عدمه یجوز استظهار نفوذ ‏‎ ‎‏تصرّفات الـثقات فی عرض الـفقهاء، بل والأئمّة الـمعصومین علیهم الـصلاة ‏‎ ‎
‏‎

‏‏نعم، ‏‏یبقی الـکلام فی مسألة: وهی أنّ الـظاهر من أدلّة ولایة الـفقیه ـ ‏‎ ‎‏من أنّ مجاری الاُمور بیدهم‏‎[1]‎‏، وأنّ الـلازم هو الـرجوع إلـیهم فی ‏‎ ‎‏الـحوادث والـمسائل‏‎[2]‎‏، وأنّهم هم الـخلفاء‏‎[3]‎‏ والـحصون‏‎[4]‎‏ والاُمناء‏‎[5]‎‏ ـ هو ‏‎ ‎‏عدم جواز تصدّی غیرهم تلک الاُمور، ومنها الـتصرّف فی مال الـیتیم، فیقع ‏‎ ‎‏الـتهافت والـتکاذب بین أخبار هذه الـمسألة، وروایات ولایة الـفقیه ‏‎ ‎‏وحصر الـولایة بهم.‏

‏‏فلو أمکن الـجمع بین طائفة من أدلّة ولایة الـفقیه مثل ما دلّ علی أنّ ‏‎ ‎‏الـفقیه منصوب للحکومة والـقضاوة‏‎[6]‎‏ وهذه الأخبار بعدم الـتنافی بینهما ‏‎ ‎‏لکونهما إیجابیّین، یشکل الـجمع بین ما دلّ منها علی الـحصر، أو تکون ‏‎ ‎
‏‎

‏‏ولکنّه أیضاً یقبل الـجمع من جهات کثیرة:‏

‏‏فتارة: بدعوی أنّ أخبار هذه الـمسألة لا تورث الـولایة، بل تورث ‏‎ ‎‏رخصة الـتصرّف من قبل الـحاکم والإمام ‏‏علیه السلام‏‏ فیکون ذلک مؤکّداً لسعة ‏‎ ‎‏سلطان الإمام ‏‏علیه السلام‏‏ومثله الـفقیه، إلاّ أنّه لا حقّ للفقیه فی عزله إلاّ فی بعض ‏‎ ‎‏الأحیان، علی احتمال.‏

‏‏واُخری: بأنّ هذه الـشبهة لیست أصعب من شبهة معارضة أدلّة ولایة ‏‎ ‎‏الأب والـجدّ مع تلک الأدلّة، فکما تکون تلک الأدلّة منصرفة عن هذا ‏‎ ‎‏الــفرض، کذلک هی قابلة للتقیید؛ لعدم وجود نصّ فی الـحصر حتّی یشکل ‏‎ ‎‏عندنا تقییده، بل الـحصر مستظهر من الإطلاق، وهو ظهور معلّق لا یزاحم ‏‎ ‎‏الـظهور الـمنجّز؛ لوروده علیه حسبما تقرّر فی الاُصول‏‎[9]‎‏.‏

‏‏وثالـثة: بأنّ الـنسبة بین الأدلّة عموم مطلق، فتأمّل. نعم بناء علی ‏‎ ‎‏اختصاص ولایة الـفقیه بمورد ولایة الـعدول، تکون الـنسبة هی الـتساوی، ‏‎ ‎‏فیسقط الـحصر، لا مفاد الـدلیل؛ بمعنی أنّ دلیل ولایة الـفقیه نصّ فی أصل ‏‎ ‎‏ولایته، وظاهر فی الانحصار والاستقلال، ودلیل ولایة الـعدل نصّ فی أصل ‏‎ ‎
‏‎

‏‏وبالـجملة: لو ثبت من الـشرع أن لا ولایة إلاّ للفقیه، فهو یورث کون ‏‎ ‎‏أدلّة ولایة الـعدول ظاهرة فی أنّها متشعّبة عن ولایتهم؛ فإنّ الإمام ‏‏علیه السلام‏‎ ‎‏نصبهم، فولایتهم تؤکّد ولایة الـفقیه، لا تضادّها. ولو لم یکن لسان الأدلّة نصّاً ‏‎ ‎‏فی الـحصر، لبقی ظهور روایات ولایة عدول الـمؤمنین علی حالـه؛ لإمکان ‏‎ ‎‏الـجمع بین الـکلِّ، فلا تخلط.‏

‏‎ ‎

‏‎

• ـ تحف العقول : 238 ، مستدرک الوسائل 17 : 315 ، کتاب القضاء ، أبواب صفات القاضی ، الباب 11 ، الحدیث 16 .
• ـ کمال الدین : 483 / 4 ، الغیبة : 290 ، الاحتجاج 2 : 542 ، وسائل الشیعة 27 : 140 ، کتاب القضاء ، أبواب صفات القاضی ، الباب 11 ، الحدیث 9 .
• ـ عیون أخبار الرضا علیه السلام 2 : 37 / 94 ، وسائل الشیعة 27 : 92 ، کتاب القضاء ، أبواب صفات القاضی ، الباب 8 ، الحدیث 53 .
• ـ الکافی 1 : 38 / 3 .
• ـ نفس المصدر: 46 / 5 .
• ـ وسائل الشیعة 27 : 13، 136 و139 ، کتاب القضاء ، أبواب صفات القاضی ، الباب 1، الحدیث 5 ، والباب 11 ، الحدیث 1 و6 .
• ـ تقدّم تخریجه فی الصفحة السابقة .
• ـ تقدّم تخریجه فی الصفحة السابقة .
• ـ اُنظر تحریرات فی الاُصول 5 : 469 .