فمنها: الأرض المیّتة التی لا ربّ لها ولم تکن عامرة

‏‏فمنها: الأرض المیّتة التی لا ربّ لها ولم تکن عامرة‏

‏‏فإنّها ‏‏ـ ‏‏علی ما هو الـمشهور بل وعلیه حکایة الإجماع عن ‏‎ ‎‏«الـخلاف»‏‎[1]‎‏ و«الـغنیة»‏‎[2]‎‏ و«جامع الـمقاصد»‏‎[3]‎‏ و«الـمسالـک»‏‎[4]‎‏ ـ ‏‎ ‎
‏‎

‎‏ملک  للإمام، وقیل: هذا هو مقتضی الـنصوص الـمستفیضة‏‎[5]‎‏، بل ‏‎ ‎‏والـمتواترة‏‎[6]‎‏. وهی من الأنفال حسب الأدلّة، والأنفال للإمام ‏‏علیه السلام‏‏ لأنّ ما ‏‎ ‎‏کان لله وللرسول فهو له ‏‏علیه السلام‏‏من بعده ‏‏صلی الله علیه و آله‏‏.‏

‏‏أقول: ‏‏الـبحث الـجامع لأطراف الـمسألة یستدعی أن یقع أوّلاً: فی أنّ ‏‎ ‎‏هذه الأرض له ‏‏علیه السلام‏‏ أم لا.‏

‏‏وثانیاً: فی أنّ الإمام ‏‏علیه السلام‏‏ هل أذن للغیر فی الـتصرّف فیها تملّکاً ‏‎ ‎‏بالإحیاء ونحوه، أو بناءً علی مالـکیّته الـشخصیّة أعطاها للمسلمین علی ‏‎ ‎‏وجه یملکها من أحیاها، أم لا، أو یختصّ الإذن بطائفة خاصّة؟‏

‏‏وثالـثاً: فی أنّ هذا الأمر من الاُمور الـتی یجوز للفقیه إجازة الـتصرّف ‏‎ ‎‏فیها، أم لا.‏

‏‏ورابعاً: فی أنّ الإحیاء وإباحة الـتصرّف یورث الـملکیّة، أم لا، بل ‏‎ ‎‏یخالــفه الـنصِّ.‏

‏‏وقبل الـخوض فی تلک الـجهات، لا بأس بالإشارة إلـی أنّ الـمراد ‏‎ ‎‏من «الـمیّتة» هی الـمیّتة بالأصالـة، ولا شبهة فی أنّ ذلک ممّا یشکل ‏‎ ‎‏تشخیصه؛ لاحتمال مسبوقیتها بالـعمارة فی طول عمر الأرض، وما تخیّلوه ‏‎ ‎‏من قصر عمرها لا یکاد یخفی بطلانه علی أهله، فلابدّ وأن یرادمن هذا ‏‎ ‎‏الـعنوان ما لا تکون مسبوقیّتها بالـعمران معلومة وثابتة.‏

‏‏ولعلّ لأجل ذلک ورد فی الـنبویِّ: ‏‏«عادی الأرض لله ولرسوله، ثمّ ‏‎ ‎
‏‎

‎‏هی‏‎ ‎‏لکم منّی»‏‎[7]‎‏ بناءً علی أن یکون الـمراد هی الأرض بعد قوم عاد، ‏‎ ‎‏فإنّهاتکون مواتها وعامرتها معلومة فی الـتأریخ، أو بالـشواهد ‏‎ ‎‏والـقرائن.‏

‏‏ومن الـممکن إحراز الـعنوان الـمزبور باستصحاب الـعدم الـنعتی، ‏‎ ‎‏واحتمال وجودها من أوّل الـخلقة معمورة، ممنوع قطعاً.‏

‏‏وغیر خفیِّ: أنّ عنوان «الـمیّتة بالأصالـة» لیس من الـعناوین ‏‎ ‎‏الــمذکورة فی الـنصوص؛ حتّی یکون لها حکم خاصِّ، ولا یشملها عنوان ‏‎ ‎‏«الأرض الـخربة» لأنّها ظاهرة فیما کانت معمورة.‏

‏‏وکأنّ الـصحراوات والـصحاریّ لیست مورد الـرغبة والـبحث حتّی ‏‎ ‎‏تعتبر ملکاً للإمام ‏‏علیه السلام‏‏ أو تکون له ‏‏علیه السلام‏‏ الـولایة الـحکومیّة علیها. وأمّا ‏‎ ‎‏الـولایة بالـمعنی الآخر فهی خارجة عن الـمسألة الـفقهیّة.‏

‏‏فعلی هذا الـبحث عنها هنا یکون نافعاً لسائر الأراضی، فتبعاً للقوم ‏‎ ‎‏ذکرناها عنواناً مستقلاًّ، ولانتعرّض لجملة من الـجهات الـمزبورة فی سائر ‏‎ ‎‏الأراضی؛ لاشتراکها معها فی الـحکم، کما لا یخفی.‏

‏‏نعم، إذا کانت الـموتی قریبة من الـعامرة، فهی تحت الـسلطنة ‏‎ ‎‏اعتباراً، فلیتأمّل.‏

‏‏ ‏

‏‏ ‏

‏‎ ‎

‏‎

‎

• ـ الخلاف 3 : 525 ، المسألة 3 .
• ـ الغنیة ، ضمن جوامع الفقهیة : 540 / السطر 11 .
• ـ جامع المقاصد 7 : 9 .
• ـ مسالک الأفهام 2 : 231 / السطر 40 .
• ـ المکاسب ، الشیخ الأنصاری : 161 / السطر 17 .
• ـ راجع جواهر الکلام 38 : 11 .
• ـ عوالی اللآلی 3 : 481 / 5 ، مستدرک الوسائل 17 : 112 ، کتاب إحیاء الموات ، الباب 1 ، الحدیث 5 .