الفصل السادس فی مقدّمة الواجب

شبهة قویّة علیٰ إدراج المقدّمة المتأخّرة فی محل البحث

شبهة قویّة علیٰ إدراج المقدّمة المتأخّرة فی محل البحث

‏ ‏

‏إذا تبیّن لک محطّ البحث؛ وحدود النزاع فی بحث مقدّمة الواجب، فإدراج‏‎ ‎‏المقدّمة المتأخّرة فی محلّ البحث مورد الشبهة عقلاً، کما عرفت الشبهات الکثیرة‏‎ ‎‏فی إدراج کثیر من المقدّمات فی حریم النزاع‏‎[1]‎‏، وتلک الشبهة هنا قویّة؛ وذلک لأنّ‏‎ ‎‏العقل البدیهیّ حاکم: بأنّ کلّ شیء تکوینیّاً کان أو اعتباریّاً، إذا فرض معلولیّته‏‎ ‎‏لشیء آخر، فلابدّ من تمامیّة أجزاء العلّة وشرائطها فی الرتبة السابقة، حتّیٰ یتحقّق‏‎ ‎‏المعلول، وإلاّ یلزم الخلف، ویقع التناقض فی الاعتبار، فإنّه کیف یمکن القول: بأنّ‏‎ ‎‏صوم المستحاضة قبل مجیء الأغسال اللیلیّة، صحیح بالفعل، وقد سقط أمره کسائر‏‎ ‎‏المرکّبات الاعتباریّة، ومع ذلک مشروط بشرط مستقبل؛ وهی تلک الأغسال؟!‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 36
‏أو کیف یمکن دعویٰ: أنّ عقد الفضولیّ قبل لحوق الإجازة، أثّر أثره، وانتقل‏‎ ‎‏الملک إلیٰ صاحبه واقعاً وثبوتاً، ومع ذلک تکون الإجازة شرطاً دخیلاً فی ذلک؟!‏

‏فإذا لایعقل ذلک، لایعقل ترشّح الإرادة الغیریّة إلیها، ولذلک أصبحت‏‎ ‎‏الأصحاب ـ رضوان الله علیهم ـ صرعیٰ وحیاریٰ، وکلّ أخذ مهرباً.‏

فمنهم :‏ من أنکر أصل الشرطیّة .‏

ومنهم :‏ من تصرّف فی معنی «الشرط».‏

ومنهم :‏ من خرج عن أصل الشبهة غفلة واشتباهاً.‏

ومنهم :‏ من تصرّف فیما هو الشرط.‏

‏ومن بینهم من تصدّی لحلّ هذه المعضلة، ونشیر إلیها إجمالاً:‏

‏فأمّا من أنکر أصل الشرطیّة‏‎[2]‎‏، فهو فی راحة، وجوابه فی الفقه.‏

‏وأمّا من خرج عن الخصوصیّة فی المسألة، فهو العلاّمة النائینیّ، فإنّه ‏‏قدس سره‏‎ ‎‏اعتبر المتأخّر شرطاً، لا الشرط متأخّراً، فقال: «هذا المتأخّر الذی هو الشرط‏‎ ‎‏کأجزاء المرکّب الداخلیّة، فکما تکون صحّة الرکعة الاُولیٰ مشروطة بالأخیرة،‏‎ ‎‏وبإتیانها یصحّ الکلّ، کذلک الأمر هنا»‏‎[3]‎‏.‏

وأنت خبیر :‏ بأنّ الإعضال فی المقام، ناشئ من القول بالصحّة الفعلیّة للمتقدّم؛‏‎ ‎‏وأنّ صومها صحیح فعلیّ إذا کان الغسل فی ظرفه موجوداً، لا الصحّة التأهّلیة‏‎ ‎‏والمراعاتیّة، وأنّ العقد صحیح فعلیّ مؤثّر من الأوّل؛ إذا کان بحسب الثبوت یلحقه‏‎ ‎‏الإجازة، لا تأهّلاً، وإلاّ فهو أمر واضح الإمکان، ورائج الوقوع.‏

‏وأمّا من تصرّف فی معنی «الشرط» فهو العلاّمة الأراکی ‏‏رحمه الله‏‏ وملخّص ما‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 37
‏أفاده مراراً، وبنیٰ علیه المسائل العلمیّة، وبه انحلّ عنده العویصات والشبهات: أنّ‏‎ ‎‏الشرط لیس جزءً دخیلاً فی الأثر، وإن اُطلق علیه فی بعض الأحیان فهو هنا غیر‏‎ ‎‏مقصود، بل الشرط هو طرف ما یحدّد المقتضی، وطرف ما یحصل به الخصوصیّة‏‎ ‎‏اللاّزمة لتأثیر المقتضی أثره.‏

وبعبارة اُخریٰ :‏ لا معنیٰ لتأثیر طبیعیّ النار فی طبیعیّ القطن، ولا لطبیعیّ‏‎ ‎‏الصلاة فی طبیعیّ القرب، أو فی سقوط الأمر، بل کما فیالتکوین یکون النار بحصّتها‏‎ ‎‏الخاصّة مؤثّرة، کذلک الصوم والصلاة بحصّتهما الخاصّة مؤثّران، وکما أنّ تلک‏‎ ‎‏الخصوصیّة تحصل للنار من الإضافة إلی القطن، وتحصل المماسّة التی هی شرط‏‎ ‎‏التأثیر للمقتضی، ولیس هو من أجزاء العلّة، کذلک تحصل الخصوصیّة التی بها‏‎ ‎‏یکون العقد صحیحاً، والصوم صحیحاً بالإضافة، وأمّا هذه الخصوصیّة فکما تحصل‏‎ ‎‏من الإضافة إلی المقارن والمتقدّم والمتأخّر فی التکوین، کذلک الأمر فی التشریع‏‎[4]‎‏.‏

أقول :‏ قد مرّ منّا ما هو الجواب عن مقالته، وإجماله ‏أوّلاً :‏ أنّه فی التکوین‏‎ ‎‏أیضاً، لایعقل حصول الإضافة الفعلیّة من الطرف المعدوم الفعلیّ.‏

وثانیاً :‏ أنّ الاُمور التکوینیّة الخارجیّة، تکون المؤثّرات فیها والمتأثّرات بها‏‎ ‎‏تابعة للوجود، وهو لایکون طبیعیّاً، فلابدّ من الشخصیّة الخارجیّة حتّیٰ یحصل الأثر.‏

‏وهذا فی الاعتباریّات التی تکون اُموراً کلّیة ومفاهیم خالیة من الشخصیّة،‏‎ ‎‏غیر معقول، بل التحصّص لایعقل أن یحصل إلاّ بالتقیید، فإذا کان قید الکلّی‏‎ ‎‏والطبیعیّ فعلیّاً، فما هو منشأ هذا القید لایعقل معدومیّته، بل إذا لاحظنا نسبة القید‏‎ ‎‏إلیٰ ماهو منشأه، فهو یکون بالعلیّة، فکیف یمکن تأثیر المعدوم فی الموجود، أو‏‎ ‎‏حصول المعلول قبل علّته؟!‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 38
‏ولعمری ، إنّ ما کان یفیده فی هذه المقالة، غیر ما استفاد منها بعدها، فإنّ ما‏‎ ‎‏تفیده هو أنّ التحصّص، لایعتبر أن یکون بالتقیید، کما نریٰ فی التکوین، وإلاّ یلزم‏‎ ‎‏تقیّد العلّة بالمعلول فی التأثیر، وهو دور واضح. وهذا صحیح.‏

‏وأمّا ما استفاده منها: فهو أنّ هذا التحصّص یحصل بالإضافة إلی المتأخّر‏‎ ‎‏والمتقدّم، ویکون هذا جاریاً فی الاعتباریّات. وهذا غیر صحیح جدّاً، کما‏‎ ‎‏عرفت تفصیله.‏

‏وأمّا من تصرّف فیما هو الشرط فهم جماعة :‏

أحدهم :‏ الفاضل الخبیر صاحب «الفصول» ‏‏رحمه الله‏‏ فقال: «إنّ الشرط هو عنوان‏‎ ‎‏التعقّب بالأغسال، أو الإجازة»‏‎[5]‎‏.‏

وثانیهم :‏ العلاّمة صاحب «الکفایة» ‏‏رحمه الله‏‏ فقال: إنّ الشرط هو الإضافة إلی‏‎ ‎‏المتأخّر، فإنّ الأشیاء تختلف حسب اختلافات الإضافة فی الحسن والقبح، فلا منع‏‎ ‎‏من اتصاف المتقدّم بالحسن إذا اُضیف إلی المتأخّر، فیکون سبب الحسن هی‏‎ ‎‏الإضافة إلی المتأخّر، فما هو القرین مع المتقدّم ـ وهو الإضافة ـ شرط‏‎[6]‎‏. هذا هو‏‎ ‎‏ثمرة کلامه، وإن لایخلو عباراته من التأسّف. ولعلّ إلیه یرجع کلام العلاّمة الأراکیّ‏‎[7]‎‎ ‎‏أیضاً کما لایخفیٰ. کما أنّ هذا مأخوذ أیضاً ممّا سبق من «الفصول» فلاتغفل.‏

وأنت خبیر :‏ بأنّ الإضافة الفعلیّة لاتحصل مع انعدام الطرف؛ فإنّ المتضایفین‏‎ ‎‏متکافئان وجوداً وفعلیّة وقوّة وهکذا. هذا مع أنّ الشرط هو الغسل والإجازة‏‎ ‎‏حسب الدلیل.‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 39
وتوهّم :‏ أنّ الإضافة تحصل من لحاظ الإجازة المتأخّرة، والتعقّب یوجد‏‎ ‎‏بلحاظ الغسل، فهو أفحش؛ لأنّه یرجع إلیٰ إسقاط الشرطیّة، لأنّ لحاظ الغسل‏‎ ‎‏المتأخّر، لایستلزم إیجابه ووجوبَ الإتیان.‏

فبالجملة :‏ لا شبهة فی مدخلیّة المتأخّر فی الجملة ولو للعنوان الفعلیّ‏‎ ‎‏المقترن، وهذا بعد کونه معدوماً غیر ممکن.‏

‏ولعمری، إنّ هذا الخلط قد وقع فی کلام جملة منهم، زاعمین أنّ الإضافة‏‎ ‎‏قلیلة المؤونة، أو غافلین عن أنّ طرف الإضافة لیس أمراً ذهنیّاً، مع أنّ طرفها الآخر‏‎ ‎‏خارجیّ؛ وهو الفعل الذی اُتی به. مع أنّ الذهنیّة المحضة لاتکون شرطاً.‏

‏نعم، ربّما یخطر بالبال دعویٰ : أنّ مقصودهم أنّ الشرط مقارن، وهو الأمر‏‎ ‎‏المعتبر وصفاً للفعل؛ وهو العقد والصوم، وذلک الأمر عنوان «التعقّب» أو غیر ذلک،‏‎ ‎‏وهذا العنوان متقوّم بالطرف، ویکفی لذلک کونه أمراً ذهنیّاً، ولکن لا مجرّد الذهنیّة،‏‎ ‎‏بل الصورة الذهنیّة الحاکیة عن الخارج التی تصیر صادقة، ویتحقّق محاکاه بعد ذلک.‏

وأنت خبیر :‏ بأنّ عنوان «التعقّب» لایعقل أن یحصل من الإضافة إلی الطرف‏‎ ‎‏المقارن ولو کان ذهنیّاً، بل هو متقوّم بالمتأخّر، فیکون الطرف ما فی الخارج، وهو‏‎ ‎‏معدوم. وکلام «الکفایة»‏‎[8]‎‏ صریح فی إفادة أنّ الإضافة إلی المتأخّر، تورث الحسن‏‎ ‎‏للمتقدّم، وهذا أیضاً غیر تامّ.‏

نعم، إن قلنا :‏ بأنّ الشرط هو المقارن مع الصورة الذهنیّة، الذی تعقّبته‏‎ ‎‏الأغسال اللیلیّة والإجازة مثلاً، فهذا أقلّ محذوراً ممّا اشتهر فی کلماتهم. ولکنّه‏‎ ‎‏خلاف الأدلّة إثباتاً، ویلزم بناءً علیه بطلان صوم المستحاضة إذا کان بناؤها علیٰ‏‎ ‎‏عدم الإتیان بالأغسال اللیلیّة، والالتزام بذلک مشکل إلاّ من جهة الإخلال بقصد‏‎ ‎‏القربة. وهکذا یلزم بطلان عقد الفضولیّ الصادر من الغاصب البانی علیٰ عدم إلحاق‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 40
‏الإجازة، فلاحظ وتدبّر جیّداً.‏

‏وأمّا من تصدّیٰ لتصویر الشرط المتأخّر من غیر التصرّف فی الشرط، ومن‏‎ ‎‏غیر الخروج عن محلّ البحث، مع عدم الذهول عن أنّ الإضافة إلی المتأخّر غیر‏‎ ‎‏معقولة، فهو الوالد المحقّق ـ مدّظلّه فقال:‏

‏«إنّ للحقائق المتصرّمة الخارجیّة ـ کالزمان والحرکة، بما أنّها متصرّمة‏‎ ‎‏ومتقضّیة الذات ـ أجزاء طولیّةً قهراً، وتکون تلک الأجزاء بعضها متقدّماً علی الآخر،‏‎ ‎‏لا بالتقدّم العنوانیّ، ولا بالتقدّم الإضافیّ والاعتباریّ، بل هذا هو المعبّر عنه بـ «واقع‏‎ ‎‏التقدّم» فإنّه لایمکن إنکار ذلک وجداناً؛ فإنّ الیوم متقدّم علی الغد، لا بمفهوم‏‎ ‎‏«التقدّم» حتّیٰ یلزم انخرام القاعدة العقلیّة: «وهی أنّ المتضایفین متکافئان قوّة‏‎ ‎‏وفعلاً» بل الیوم له التقدّم الذاتیّ وبالذات علی الغد؛ سواء لوحظ ذلک، أم لم یلحظ.‏‎ ‎‏هذا فی نفس أجزاء المتدرّج الذاتیّ.‏

‏وأمّا الحوادث الواقعة فی اُفق الأزمنة، فلها أیضاً هذا النحو من التقدّم‏‎ ‎‏والتأخّر بالتبع، وتصیر حینئذٍ الحوادث الواقعة فی هذا الزمان مثلاً متقدّمة بواقع‏‎ ‎‏التقدّم ـ لا بمفهومه الإضافیّ ـ علی الحوادث الآتیة.‏

‏إذا تبیّن لک ذلک تقدر علیٰ حلّ المعضلة؛ لأنّ هذا المعنی الواقعیّ لایکون‏‎ ‎‏موجوداً بواقعیّته التقدّمیة إلاّ إذا لحقه المتأخّر، فإن جاءت الإجازة والأغسال‏‎ ‎‏اللیلیّة، یکون العقد والصوم مقدّماً علیهما بواقع التقدّم، وإلاّ فلا یکونان متقدّمین بهذا‏‎ ‎‏المعنی من التقدّم؛ من غیر لزوم تأثیر المعدوم المتأخّر فی الموجود المتقدّم، بل هذا‏‎ ‎‏أمرحاصل من طبع الزمان والزمانیّ؛ لما فیه من التصرّم الذاتیّ الذی عرفت معناه»‏‎[9]‎‏.‏

أقول :‏ لو کان التقدّم والتأخّر بالمعنی المزبور ذاتیّین، یلزم کون الشیء‏‎ ‎‏الواحد ذا ذاتین متخالفتین؛ فإنّ الیوم ذاتیّه التقدّم علی الغد، وذاتیّه التأخّر عن‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 41
‏الأمس، وقد صرّح بهذا الذاتیّ مراراً. وکیف یمکن أن یقال: بأنّ الحادث فی الیوم له‏‎ ‎‏التقدّم الواقعیّ علی الحادث فی الغد، ولیس له التقدّم الواقعیّ علیٰ ما لم یحدث فی‏‎ ‎‏الغد، ولایحدث فیه؟! مع أنّ التقدّم لو کان ذاتیّاً فلاتفکیک.‏

وبالجملة :‏ عنوان «الذاتیّ» هنا اُطلق علی الذاتیّ فی باب البرهان؛ وهو‏‎ ‎‏خارج المحمول، وإذا کان التقدّم بواقع التقدّم تقدّماً بالذات، فیعتبر منه هذا العنوان،‏‎ ‎‏سواء کان شیء، أو لم یکن. وإذا قطعنا النظر عن عنوان «الذات» و «العرض»‏‎ ‎‏ونظرنا إلی الواقعیّات، فلا یکون هناک خارج المحمول وذاتیّ باب البرهان،‏‎ ‎‏ولایحکم هنا إلاّ علیٰ شیء متقضّی الذات، ومتصرّم الوجود، ولایکون تقدّم، ولا‏‎ ‎‏تأخّر، بل هناک أمر عینیّ؛ وهو الزمان والحرکة.‏

‏وما تریٰ فی الکتب العقلیّة: من التعبیر بـ «واقع التقدّم» اُرید منه ماهو الأمر‏‎ ‎‏الخارجیّ المتصرّم، وإلاّ فبمجرّد توجیه اللحاظ إلیٰ ما وراء التکوین من العناوین‏‎ ‎‏الاُخر، یلزم ما لا یلتزم به الخبیر البصیر.‏

‏ثمّ إنّ ما سلکه غیر موافق للفقه؛ لأنّ الظاهر أنّ المتأخّر دخیل فی التأثیر، لا‏‎ ‎‏أنّ العقد والصوم المتقدّمین بواقع التقدّم، تمام الموضوع للحکم بالصحّة، فتدبّر.‏

‏وأمّا التمسّک بذیل العرف؛ بأنّ هذه العناوین ـ کـ «التقدّم، والتأخّر، والتعقّب»‏‎ ‎‏ـ من الانتزاعیّات عن المتدرّجات کالزمان، وعن الزمانیّات بالتبع‏‎[10]‎‏، فهو لحلّ‏‎ ‎‏معضلة انخرام القاعدة العقلیّة: «وهی أنّ المتضایفین متکافئان قوّةً وفعلاً» ممّا لا‏‎ ‎‏بأس به، ولکنّه خلاف الظواهر من دخالة التأخّر اعتباراً فی النقل والصحّة، ومن أنّ‏‎ ‎‏نفس الإجازة والأغسال اللیلیّة شرط، لا العناوین الانتزاعیّة بالانتزاعات العرفیّة؛‏‎ ‎‏حتّیٰ یسامح عقلاً فی ذلک.‏

بقی شیء : ‏وهو أنّ من الاُمور الاعتباریّة بید المعتبرین سعةً وضیقاً، وأنّ‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 42
‏الملکیّة منها، وأنّ نسبة العقد إلی الملکیّة نسبة الموضوع إلی الحکم، ولا علّیة فی‏‎ ‎‏البین، فلا منع من اعتبار الملکیّة عند تحقّق عقد الفضولیّ إذا کان یتعقّب بالإجازة،‏‎ ‎‏فلا إطلاق، ولا تقیید، بل هناک التزام بأمرین، أحدهما: حصول الملکیّة من الأوّل‏‎ ‎‏بموضوعیّة عقد الفضولیّ، ولکن إذا کان هذا متعقّباً بالإجازة، فلا یقیّد بالمفهوم‏‎ ‎‏الإضافیّ حتّیٰ یلزم الإشکال.‏

وأنت خبیر :‏ بأنّ مثل هذا لایورث انحلال الشبهة فی الصوم؛ فإنّ الصوم الذی‏‎ ‎‏أراده المولیٰ إذا کان صحیحاً، فینتهی أمد الإرادة، وهذا أثر تکوینیّ من الصحّة‏‎ ‎‏الاعتباریّة، فکیف یعقل تحقّق الأمد، وانتهاء الإرادة قبل حصول الأغسال الدخیلة؟!‏

‏مع أنّ انقلاب عنوان الإضافة إلی القضیّة الشرطیّة، یستلزم عدم انخرام قاعدة‏‎ ‎‏«أنّ المتضایفین متکافئان» ولا یستلزم عدم انخرام قاعدة «أنّ المتأخّر لایعقل کونه‏‎ ‎‏دخیلاً فی صحّة المتقدّم» وهذا فیما نحن فیه معناه ذلک؛ لأنّ العقد المتقدّم إن أثّر‏‎ ‎‏أثره، ولا قید له رأساً بنحو السالبة المحصّلة، فلا وجه للزوم لحوق الإجازة. وإن‏‎ ‎‏کان هناک حالة انتظاریّة، فیلزم تدخّل المتأخّر فی المتقدّم. وهذا أشد إشکالاً،‏‎ ‎‏وأصعب علی المتأخّرین من انخرام القاعدة الاُولیٰ.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 43

  • )) تقدّم فی الصفحة 16 ـ 29 .
  • )) جواهر الکلام 3 : 366، لاحظ المکاسب، الشیخ الأنصاری: 133 / السطر 20 ـ 21 .
  • )) أجود التقریرات 1 : 221 .
  • )) بدائع الأفکار (تقریرات المحقّق العراقی) الآملی 1 : 320 ـ 321 .
  • )) الفصول الغرویّة: 80 / السطر 35 ـ 37 .
  • )) کفایة الاُصول : 119 ـ 120 .
  • )) بدائع الأفکار (تقریرات المحقّق العراقی) الآملی 1 : 320 ـ 321 .
  • )) کفایة الاُصول : 119 ـ 120 .
  • )) مناهج الوصول 1 : 341 ـ 342، تهذیب الاُصول 1 : 213 ـ 215 .
  • )) لاحظ مناهج الوصول 1 : 343، تهذیب الاُصول 1 : 216 .