الجهة الرابعة فی شبهة إیجاب المقدّمة المفوّتة قبل الوقت ومسالک الإجابة عنها
بعدما عرفت حقیقة الوجوب المشروط بحسب مقام الثبوت والإثبات، وأنّ فی مقام الثبوت تکون القضیّة المشروطة قضیّة حینیّة، وفی مقام الإثبات باقیة علیٰ حالها من التعلیق، ولکن فرق بین التعلیق الذی أفاده المشهور: وهو أنّ مفاد الهیئة معلّق، وبین التعلیق الذی ذکرناه : وهو أنّ الاستعمال معلّق، والهیئة قبل تحقّق الشرط لاتکون مستعملة ـ بالحمل الشائع ـ فی المعنی الموضوع له.
وأیضاً تبیّن : أنّ اللازم هو مراعاة مقام الإثبات بحسب الآثار فیما نحن فیه، دون الثبوت.
فربّما یشکل الأمر فی إیجاب المشهور تحصیل المقدّمات الوجودیّة قبل تحقّق الشرط فی مثل الصلاة؛ بالنسبة إلی المحافظة علی الطهارة قبل الوقت؛ ضرورة أنّ مع کون الصلاة مشروطة بالوقت وجوباً، فلا فعلیّة لحکمها قبل الوقت، وإذا کانت فعلیّة الحکم منتفیة ـ بل لا حکم أصلاً ؛ لعدم إفادة الهیئة بعثاً نحو المادّة قبل مجیء الشرط وهو الوقت ـ فلا معنیٰ لوجوب المقدّمة، سواء قلنا: بأنّها واجبة شرعاً، أو واجبة عقلاً:
أمّا علی الأوّل کما هو المعروف؛ فلأنّه لایعقل ترشّح الإرادة الفعلیّة من الإرادة المتعلّقة بذی المقدّمة غیر المظهرة ، أو غیر البالغة حدّ الفعلیّة، ولا تولُّد
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 74
البعث الفعلیّ والحکم الإیجابیّ من الحکم الذی لایتحقّق بعدُ.
وأمّا علی الثانی؛ فلأنّ العقل لایدرک إلاّ لزوم القیام بطلب المولیٰ وحکمه الفعلیّ، وإذا کان الحکم فعلاً غیر باعث ولا نافذ فلایجب، ویصحّ له الاعتذار بعدما تحقّق بالعجز ونحوه.
هذا، لو سلّمنا حکم العقل بذلک، ولکن المشهور قالوا بالوجوب الغیریّ للمقدّمة قبل الوقت، ولأجله التزموا به، فلیلاحظ . فما اشتهر من المراعاة والمحافظة علی الطهارة قبل مجیء الوقت شرعاً، لیس موافقاً للقاعدة کلاًّ.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 75