الفصل السادس فی مقدّمة الواجب

المسلک الأوّل : ما عن «الفصول»

المسلک الأوّل : ما عن «الفصول»

‏ ‏

‏فی الجواب عن الشبهة، وهذه الشبهة عویصة جدّاً، وقد اختلفت أنظارهم فی‏‎ ‎‏حلّها، واتخذ کلّ مهرباً، فصاحب «الفصول» ‏‏قدس سره‏‏ انتقل منه إلی الوجوب المعلّق، وإلی‏‎ ‎‏التقسیم الآخر فی أنحاء الواجبات، فقال:‏

‏«إنّ من أقسامها الواجب المعلّق، وهو ما کان وجوبه فعلیّاً، والواجب‏‎ ‎‏استقبالیّاً، ووجوب الصلاة ـ حسب کثیر من النصوص ـ من هذا القبیل. وربّما یمکن‏‎ ‎‏استکشاف ذلک من الشهرة المزبورة علیٰ وجوب تحصیل المقدّمة الوجودیّة قبل‏‎ ‎‏حصول شرطه»‏‎[1]‎‏.‏

ویتوجّه إلیه :‏ أنّه لو سلّمنا الوجوب المعلّق ثبوتاً، فلا نسلّم انحصار طریق‏‎ ‎‏إیجاب المقدّمة الوجودیّة بالالتزام بصحّته؛ وذلک لأنّ قضیّة ما سلف منّا: أنّ‏‎ ‎‏الوجوب فی الواجب المشروط بحسب الثبوت فعلیّ‏‎[2]‎‏، والتزمنا إثباتاً بالوجوب‏‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 75
‏المشروط؛ لاختلاف آثاره مع الوجوب الفعلیّ، فلو کان ذلک الأثر غیر مترتّب علیه‏‎ ‎‏ـ کما فی المقام ـ فلا محیص إلاّ من إنکار تبعیّة مقام الثبوت لمقام الإثبات، وإثبات‏‎ ‎‏أنّ الملاک والمناط هو ملاحظة الطلب النفسانیّ، وإذا کان فی المثال المزبور قید‏‎ ‎‏الوجوب ـ وهو الوقت ـ مفروضَ الوجود ومعلومَ التحقّق، فلابدّ من المحافظة علی‏‎ ‎‏المقدّمات الوجودیّة قبل مجیء الوقت؛ لأنّ الوجوب فعلیّ، والإرادة النفسانیّة‏‎ ‎‏موجودة.‏

وإن شئت قلت :‏ الوجوب المعلّق الذی اعتبره «الفصول» ممّا لامحیص عنه‏‎ ‎‏بحسب مقام التصوّر، ویکون ذلک منشأً لإیجاب تلک المقدّمات، ولکنّه لو کان‏‎ ‎‏الدلیل إثباتاً، متکفّلاً فی ظاهره لاعتبار الوجوب المشروط، فیؤخذ به، وهذا فیما‏‎ ‎‏نحن فیه ـ بعد قیام الشهرة ـ غیر ممکن؛ أی مقتضی الشهرة هو أنّ القضیّة الشرطیّة‏‎ ‎‏الظاهرة فی الوجوب المشروط، راجعة إلی القضیّة الحینیّة التی یکون الوجوب فی‏‎ ‎‏مرحلة الإثبات أیضاً فعلیّاً. وسیظهر مزید بیان حول المسالک الاُخر، وینفعک إن‏‎ ‎‏شاء الله تعالیٰ.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 76

  • )) الفصول الغرویة : 79 / السطر 36 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 64 ـ 65 و 70 ـ 71 .