الفصل السادس فی مقدّمة الواجب

الأمر الأوّل : فی المراد من المنجّز والمعلّق

الأمر الأوّل : فی المراد من المنجّز والمعلّق

‏ ‏

اعلم :‏ أنّ الوجوب المطلق کما عرفت، لایکون ثابتاً علی الإطلاق فی‏‎ ‎‏الشریعة، فالنظر فیه إلیٰ ماهو المطلق من حیث الإضافة إلیٰ قید، فإذا لاحظنا قیداً‏‎ ‎‏فتارة: یکون هذا القید قید الهیئة، واُخریٰ: یکون قید المادّة، وثالثة: لایکون قید‏‎ ‎‏الهیئة ولا المادّة؛ بحسب مقام الجعل والإیجاب، بل یکون القید ظرف المتعلّق، ومن‏‎ ‎‏متعلّقات الفعل‏‎[1]‎‏.‏

مثلاً :‏ الاستطاعة تارة: تکون قید الهیئة، فالواجب بالنسبة إلیها مشروط.‏

واُخریٰ :‏ تکون قید المادّة، فالواجب بالنسبة إلیها مطلق، ویکون المتعلّق‏‎ ‎‏مقیّداً، ویجب تحصیل القید.‏

‏ففی الأوّل یکون الوجوب مشروطاً واستقبالیّاً، والواجب أیضاً استقبالیّاً، وفی‏‎ ‎‏الثانی یکون الوجوب والواجب حالیّاً.‏

وثالثة :‏ تکون الاستطاعة ظرف القضیّة ومفادها؛ أی لا قید الهیئة، ولا قید‏‎ ‎‏المادّة، فالهیئة مطلقة بالنسبة إلیها وإن کانت من نظر آخر مشروطة، والمادّة غیر‏‎ ‎‏مقیّدة ومطلقة أیضاً بلحاظها وإن کانت مقیّدة بقیود اُخر، فهی تکون خارجة عنهما؛‏‎ ‎‏أی تصیر القضیّة حینیّة، لا مشروطة، ولا مقیّدة، بل مطلقة حینیّة؛ أی یجب الحجّ‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 110
‏حین الاستطاعة. وهذا هو الوجوب المعلّق المجامع للمشروط والمقیّد بشرط آخر؛‏‎ ‎‏وقید آخر غیر قید الاستطاعة، فلاتخلط فیما هو روح البحث وأساس المسألة.‏

‏ثمّ إنّ محطّ النزاع لایخصّ بما إذا کان القید المزبور غیر اختیاریّ، بل لا‏‎ ‎‏فرق بینه وبین الاختیاریّ فی إمکان التصویر وعدمه، فما تریٰ فی کلمات القوم:‏‎ ‎‏من أنّ «الفصول» هل قال کذا، أو لم یقل ؟ وأنّ الشیخ هل صنع کذا، أو لم یصنع؟‏‎ ‎‏خارج عن وظیفتنا.‏

فبالجملة :‏ لافرق بین الفرضین فی أصل المسألة؛ ضرورة أنّ من یقول: بأنّ‏‎ ‎‏القید غیر الاختیاریّ یرجع إلیٰ قید الهیئة، فیکون الواجب مشروطاً، یقول: بأنّ القید‏‎ ‎‏الاختیاریّ یرجع إمّا إلی المادّة، أو الهیئة، فالفرق فی ناحیة اُخریٰ، لا فی أساس‏‎ ‎‏البحث.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 111

  • )) تقدّم فی الصفحة 49 ـ 50 .