الفصل السادس فی مقدّمة الواجب

الاُولیٰ : فی إشارة لحقیقة الإرادة

الاُولیٰ : فی إشارة لحقیقة الإرادة

‏ ‏

‏قد تقرّر فی مباحث الطلب والإرادة: أنّ الإرادة من أفعال النفس، ولیست‏‎ ‎‏الجزء الأخیر من العلّة التامّة، بل یحصل انفکاک بین المعلول والإرادة فی أفعالنا،‏‎ ‎‏وهی حرکة العضلات والقبض والبسط المتصوّر لها، فکثیراً ما نرید شیئاً ـ وهی‏‎ ‎‏حرکة العضلة ـ ولاتحصل تلک الحرکة فی الخارج؛ لعدم تمامیّة شرط وجودها فی‏‎ ‎‏العضو؛ وهو إمکانه الاستعدادیّ لقبول صورة الحرکة لحصول الرخوة فی الروح‏‎ ‎‏البخاریّ مثلاً‏‎[1]‎‏.‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 112
ومرّ :‏ أنّ الإرادة لیست هی الشوق المؤکّد ، بل الشوق والاشتیاق من مقولة‏‎ ‎‏الانفعال؛ ومن أوصاف النفس، والإرادة فعل النفس؛ وخارجة عن أیّة مقولة حتّیٰ‏‎ ‎‏«أن یفعل» لعدم حصولها تدریجاً، بل هی آنیّة الوجود؛ وبعد تمامیّة مقدّمات‏‎ ‎‏وجودها وشرائط تحقّقها‏‎[2]‎‏، فلانطیل الکلام بذکر هذه الاُمور تفصیلاً.‏

‏وأیضاً قد تقرّر منّا مراراً: أنّ الإرادة التکوینیّة والتشریعیّة، لاتختلف فی‏‎ ‎‏حقیقة الإرادة، ولایکون المراد فیالثانیة متخلّفاً عن الإرادة، بل الإرادة التکوینیّة فی‏‎ ‎‏الفاعل، تتعلّق بما یرید إیجاده بتوسّط الحرکة التیتوجد فی العضلات مثلاً، والإرادة‏‎ ‎‏الثانیة أیضاً تکوینیّة متعلّقة ببعث العباد إلی المادّة، وهو یحصل بلاتخلّف‏‎[3]‎‏. وما‏‎ ‎‏اشتهر: «من أنّ متعلّق الإرادة التشریعیّة فعل الغیر»‏‎[4]‎‏ من الغلط الواضح.‏

‏وتوهّم إمکان دفع الإشکال المتوجّه إلیه ـ بأنّه یلزم التخلّف، مع أنّ الإرادة‏‎ ‎‏علّة تامّة فی الفاعل الإلهیّ ـ : بأنّ المراد هو صدور الفعل عنه عن اختیار، غیر تامّ؛‏‎ ‎‏ضرورة أنّ لازم ذلک، صدور الفعل عنه عن اختیار، ولاتنافی بین ذلک وبین‏‎ ‎‏اختیاریّة الفعل، فتأمّل.‏

فبالجملة :‏ الوجدان حاکم بأنّ ما یریده الشرع والآمر؛ هو البعث نحو المادّة‏‎ ‎‏وإن کان یشتاق لفعل الغیر وصدوره منه، أو یطلبه بعد التوجّه الثانی، ولکنّه لایریده؛‏‎ ‎‏لعدم إمکان تعلّق الإرادة بما هو الخارج عن حیطة قدرته، ولا معنی للإرادة‏‎ ‎‏التشریعیّة حتّیٰ یقال: بأنّها تکون هکذا، لا الإرادة الفاعلیّة.‏

‏نعم، المراد من «الإرادة التشریعیّة» هو أنّ المراد تشریع القانون وبعث الغیر‏‎ ‎‏نحو المطلوب، فلاحظ.‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 113

  • )) تقدّم فی الجزء الثانی : 50 ـ 52 .
  • )) تقدّم فی الجزء الثانی : 40 ـ 42 .
  • )) تقدّم فی الجزء الثانی : 69 ـ 72 .
  • )) نهایة الدرایة 1 : 280 ـ 281، نهایة الأفکار 1 : 168 ـ 169 .