الفصل السادس فی مقدّمة الواجب

عدم کون معرفته تعالیٰ واجباً نفسیّاً

عدم کون معرفته تعالیٰ واجباً نفسیّاً

‏ ‏

‏ثمّ إنّ الأصحاب ‏‏رحمهم الله‏‏ بمجرّد توهّم : أنّ ماهو المطلوب الذاتیّ للإنسان بما هو‏‎ ‎‏إنسان، هی معرفة الله تبارک وتعالیٰ، وقعوا فی اشتباه آخر؛ وهو توهّم: أنّ الواجب‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 132
‏النفسیّ هی معرفة الله ‏‎[1]‎‏، مع أنّ معرفة الله لیست المقصود الأصلیّ فی الواجبات‏‎ ‎‏النفسانیّة؛ ضرورة أنّ معرفة الله ، یمکن أن تکون المقصود الأصلیّ للإرادة الفاعلیّة،‏‎ ‎‏ولکن لایمکن أن تکون الغایة للإرادة الآمریّة والإلهیّة.‏

‏بل غایة فعله تعالیٰ لیست إلاّ متّحدة مع مبدأ الفعل؛ لما تقرّر فی محلّه: من‏‎ ‎‏أنّ العالی لایتصنّع للدانی، وأنّ المستعلی بالذات غنیّ عن التوصّل إلی الغیر‏‎[2]‎‏،‏‎ ‎‏ولذلک قیل: «إنّ حبّه بذاته غایة فعله»‏‎[3]‎‏ فإنّ حبّه بذاته یستلزم الحبّ بصفاته،‏‎ ‎‏والحبَّ بالصفات یستلزم الحبّ بلوازم الصفات المستتبعة للأعیان الثابتة العلمیّة، ثمّ‏‎ ‎‏لتلک الأعیان فی النشأة العینیّة. فهل تریٰ من نفسک کون الواجب النفسیّ فی الإرادة‏‎ ‎‏التشریعیّة مثل ذلک؟!‏

‏فلایجوز أن یتدخّل الإنسان فیما هو خارج عن اُفق تعلّقه وتدبّره، ولاینبغی‏‎ ‎‏الخلط بین ماهو المقسم فی الواجبات النفسیّة والغیریّة التی تکون معروفة عند‏‎ ‎‏العوامّ والخواصّ، وبین ماهو الخارج عن محیط أفکار الناس وأخصّ الخواصّ.‏

‏ومجرّد ما قیل: «من أنّ الواجبات الشرعیّة، ألطاف فی الواجبات العقلیّة»‏‎[4]‎‎ ‎‏لایستلزم نقض خیط العلوم الاعتباریّة، فإنّ معنیٰ هذه الجملة، لاینافی الواجبات‏‎ ‎‏النفسیّة والغیریّة والمحرّمات الشرعیّة بالضرورة؛ لأنّ ملحظ العقل هو ذاک، وملحظ‏‎ ‎‏الشرع والقانون هذا الأمر الاعتباریّ؛ وهو الوجوب المنتزع عن الإرادة البارزة، أو‏‎ ‎‏هو نفس الإرادة، علیٰ ما یفهمه العقلاء من الإرادة فی جعل القوانین العرفیّة؛ علیٰ‏‎ ‎‏وجه لایکون خارجاً عن اُفق التحقیق حسب ما قرّر فی الکتب العقلیّة، فلیتأمّل.‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 133

  • )) مطارح الأنظار: 66 / السطر 10 ـ 20، کفایة الاُصول : 135 .
  • )) الحکمة المتعالیة 2 : 263 ـ 264 .
  • )) نفس المصدر .
  • )) کفایة الاُصول : 414، نهایة الأفکار 1 : 173 و 315 .