الفصل السادس فی مقدّمة الواجب

الأمر التاسع: فی بیان معروض الوجوب الغیریّ

الأمر التاسع: فی بیان معروض الوجوب الغیریّ

‏ ‏

‏لو سلّمنا الملازمة بین الإرادتین، فهل معروض الإرادة الثانیة ـ وهی إرادة‏‎ ‎‏المقدّمة ـ هی ذات المقدّمة المطلقة ؟‏

‏أو هی المقدّمة التی یقصد بها التوصّل إلیٰ صاحبها، أو المقدّمة الموصلة، أو‏‎ ‎‏المقدّمة حال الإیصال ؟‏

‏أو معروض الوجوب هی المقدّمة بقصد التوصّل، مع کونها موصلة، أو حال‏‎ ‎‏الإیصال، فیجمع بین القیدین؟‏

‏أم الواجب هو عنوان «الموقوف علیه توقّفاً ناقصاً» أو «توقّفاً تامّاً» بمعنیٰ أنّ‏‎ ‎‏الواجب هو عنوان «ما یتوقّف علیه» وکان بحسب الواقع موقوفاً علیه بالفعل؟‏

‏أم معروضه هی المقدّمة الموصلة للفعل، المسمّاة عندی بـ «المنتهیة إلی‏‎ ‎‏الواجب»؟‏

‏وجوه وأقوال :‏

‏فالمنسوب إلیٰ «الفصول» : أنّ الواجب هی المقدّمة الموصلة‏‎[1]‎‏، واختاره‏‎ ‎‏الوالد المحقّق ـ مدّظلّه ‏‎[2]‎‏.‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 184
‏وذهب «الکفایة» إلیٰ أنّ الواجب هی المقدّمة المطلقة‏‎[3]‎‏، وهو مختار العلاّمة‏‎ ‎‏النائینیّ ‏‏رحمه الله‏‎[4]‎‏.‏

‏ونسب فی تقریرات جدّی العلاّمة ‏‏رحمه الله‏‏ إلی الشیخ ‏‏رحمه الله‏‏: أنّ الواجب هی المقدّمة‏‎ ‎‏بقصد التوصّل إلیٰ ذیها‏‎[5]‎‏، وإن کانت النسبة محلّ التأمّل، والأمر سهل.‏

‏واختـار صاحب «الـدرر»  ‏‏رحمه الله‏‏ : أنّ الواجب هی المقدّمة حال الإیصال‏‎[6]‎‏،‏‎ ‎‏وهو المحکیّ عن بعض آخر‏‎[7]‎‏ فهذه هی الأقوال الأربعة المشهورة عن المشایخ فی‏‎ ‎‏هذه المسألة.‏

‏ومن الممکن دعویٰ : أنّ الواجب لیس ذات المقدّمة حتّیٰ یلزم الأوامر‏‎ ‎‏الکثیرة؛ لکثرة المقدّمات، ومقدّمات المقدّمات، بل الواجب شیء واحد هو عنوان‏‎ ‎‏«الموقوف علیه».‏

‏وهنا احتمالان :‏

أحدهما :‏ کون الواجب عنوان «ما یتوقّف علیه» سواء کان مترتّباً علیه الفعل‏‎ ‎‏والمطلوب، أم لم یکن، بل یکفی لوجوبه شأنیّته لذلک.‏

ثانیهما :‏ کون الواجب ما یتوقّف علیه بعنوانه، مع کونه منتهیاً إلی المطلوب،‏‎ ‎‏فیکون الواجب شیئاً واحداً وهو عنوان «الموقوف علیه فعلاً» ولاتکفی الشأنیّة‏‎ ‎‏لعروض الوجوب.‏

‏وبین الأوّل ومقالة «الکفایة» والثانی ومقالة «الفصول» فرق واضح؛ فإنّ مقالة‏‎ ‎‏«الکفایة» تنتهی إلیٰ أنّ الواجب ذات ما یتوقّف علیه، لا عنوان «الموقوف علیه»‏‎ ‎


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 185
‏فیکون الأوامر کثیرةً، وهذا الاحتمال وإن کان یجتمع مع ذلک، ولکنّ مقصودنا حصر‏‎ ‎‏الأمر علیٰ عنوان «الموقوف علیه» من غیر الانحلال إلی الکثیر، بل الکثرة فی‏‎ ‎‏معروض العنوان، لا فی نفسه حتّیٰ یلزم کثرة الأوامر.‏

‏ومقالةَ «الفصول» ظاهرة فی أنّ الواجب ذات المقدّمة الموصلة، والاحتمال‏‎ ‎‏الثانی یفید أنّ الواجب، هو عنوان لاینطبق إلاّ علی العلّة التامّة المنتهیة إلیٰ ذی‏‎ ‎‏المقدّمة من غیر فرق بین کون العلّة متکثّرة الأجزاء، کالأقدام بالنسبة إلی الحجّ، أو‏‎ ‎‏بسیطة؛ لما عرفت من دخوله فی محلّ البحث فی ابتداء المسألة‏‎[8]‎‏.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 186

  • )) الفصول الغرویّة: 81 / السطر 4 ـ 6، و 87 / السطر 14 .
  • )) تهذیب الاُصول 1 : 267 .
  • )) کفایة الاُصول : 143 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 1 : 285 ـ 286 .
  • )) مطارح الأنظار : 72 / السطر 8 و 34 .
  • )) درر الفوائد، المحقّق الحائری : 119 .
  • )) هدایة المسترشدین: 219/ السطر 28، أجود التقریرات 1 : 240، منتهی الاُصول 1: 296.
  • )) تقدّم فی الصفحة 12 .