المسلک الأوّل : ما عن الشیخ الأعظم قدس سره
بناءً علیٰ صحّة النسبة : من اعتبار قصد المقدّمة فی معروض الوجوب.
ویتوجّه إلیه : أنّ التقیید المزبور إن کان راجعاً إلی الهیئة ووجوب المقدّمة، فهو یرجع إلیٰ مقالة «المعالم» فی تلک المسألة، وقد صرّح المقرّر بتبعیّة وجوب المقدّمة لذیها فی الإطلاق والاشتراط.
وإن کان راجعاً إلی المادّة فهو بلا وجه؛ لأنّ ملاک اتصافها بالوجوب إمّا التوقّف الناقص، أو التامّ، وهذا یحصل خارجاً سواء قصد، أم لم یقصد، فمعروض الوجوب لایکون مقیّداً بذلک.
إن قلت : الوجدان یحکم بأنّ الدخول فی الدار المغصوبة؛ لأجل انقاذ الغریق، جائز وإن لم ینته إلی الإنقاذ، وغیر جائز إذا لم یقصد الإنقاذ، فیعلم من ذلک: أنّ
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 187
الإرادة الترشّحیة، مخصوصة بصورة قصد التوصّل؛ حتّیٰ فی المقدّمات المباحة، لئلاّ یلزم التفکیک فی الحکم العقلیّ، ولایلزم تخصیص الأحکام العقلیّة.
قلت : نعم، ولکنّ الوجدان حاکم بمعذوریّته، لا بحلّیة التصرّف مطلقاً، فإنّ من الممکن أن یکون الواجب هی الموصلة، فإن دخل وانتهیٰ إلی الإنقاذ فقد انکشف وجوبه فی نفس الأمر وهو متجرّئ.
وإن دخل مع قصد الإنقاذ، ولم ینته إلی الإنقاذ، فقد ارتکب المحرّم، ولکنّه معذور، فما هو مورد الوجدان هو المعذوریّة، لا المحلّلیة، فلاتخلط.
وأمّا ما فی تقریرات العلاّمة الأراکی قدس سره : «من استحالة مقالة الشیخ؛ لأجل رجوعها إلی اشتراط وجوب المقدّمة بإرادتها، إذ لایعقل قصد التوصّل بها إلیٰ ذیها من دون تعلّق إرادة المکلّف بها».
فهو غیر صحیح؛ لما عرفت فی الأمر السابق من إمکان کون وجوب المقدّمة، مشروطاً بإرادة ذیها، کما هو ظاهر الکتاب؛ وذلک لأنّ الصلاة واجبة علی الإطلاق، فعلی المکلّف إرادتها بحکم العقل، وإذا أرادها یحصل شرط وجوب المقدّمة، ولاشبهة فی تقدّم إرادة ذی المقدّمة علی المقدّمة وإن کان ذو المقدّمة متأخّراً فی الوجود، فإذا سبقت إرادته بالنسبة إلیٰ ذی المقدّمة، حصل شرط وجوب المقدّمة شرعاً وهو الوضوء، فإذا أراد الوضوء فقد أراد ماهو الواجب، فما توهّمه هذا الفاضل هنا وعند إیراده علیٰ مقالة «المعالم» فی غیر محلّه جدّاً.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 188