الفصل السادس فی مقدّمة الواجب

المسلک الأوّل : ما عن الشیخ الأعظم قدس سره

المسلک الأوّل : ما عن الشیخ الأعظم قدس سره

‏ ‏

‏بناءً علیٰ صحّة النسبة : من اعتبار قصد المقدّمة فی معروض الوجوب.‏

ویتوجّه إلیه :‏ أنّ التقیید المزبور إن کان راجعاً إلی الهیئة ووجوب المقدّمة،‏‎ ‎‏فهو یرجع إلیٰ مقالة «المعالم»‏‎[1]‎‏ فی تلک المسألة، وقد صرّح المقرّر بتبعیّة وجوب‏‎ ‎‏المقدّمة لذیها فی الإطلاق والاشتراط.‏

‏وإن کان راجعاً إلی المادّة فهو بلا وجه؛ لأنّ ملاک اتصافها بالوجوب إمّا‏‎ ‎‏التوقّف الناقص، أو التامّ، وهذا یحصل خارجاً سواء قصد، أم لم یقصد، فمعروض‏‎ ‎‏الوجوب لایکون مقیّداً بذلک.‏

إن قلت :‏ الوجدان یحکم بأنّ الدخول فی الدار المغصوبة؛ لأجل انقاذ الغریق،‏‎ ‎‏جائز وإن لم ینته إلی الإنقاذ، وغیر جائز إذا لم یقصد الإنقاذ، فیعلم من ذلک: أنّ‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 187
‏الإرادة الترشّحیة، مخصوصة بصورة قصد التوصّل؛ حتّیٰ فی المقدّمات المباحة، لئلاّ‏‎ ‎‏یلزم التفکیک فی الحکم العقلیّ، ولایلزم تخصیص الأحکام العقلیّة.‏

قلت :‏ نعم، ولکنّ الوجدان حاکم بمعذوریّته، لا بحلّیة التصرّف مطلقاً، فإنّ من‏‎ ‎‏الممکن أن یکون الواجب هی الموصلة، فإن دخل وانتهیٰ إلی الإنقاذ فقد انکشف‏‎ ‎‏وجوبه فی نفس الأمر وهو متجرّئ.‏

‏وإن دخل مع قصد الإنقاذ، ولم ینته إلی الإنقاذ، فقد ارتکب المحرّم، ولکنّه‏‎ ‎‏معذور، فما هو مورد الوجدان هو المعذوریّة، لا المحلّلیة، فلاتخلط.‏

‏وأمّا ما فی تقریرات العلاّمة الأراکی ‏‏قدس سره‏‏ : «من استحالة مقالة الشیخ؛ لأجل‏‎ ‎‏رجوعها إلی اشتراط وجوب المقدّمة بإرادتها، إذ لایعقل قصد التوصّل بها إلیٰ ذیها‏‎ ‎‏من دون تعلّق إرادة المکلّف بها»‏‎[2]‎‏.‏

‏فهو غیر صحیح؛ لما عرفت فی الأمر السابق من إمکان کون وجوب المقدّمة،‏‎ ‎‏مشروطاً بإرادة ذیها‏‎[3]‎‏، کما هو ظاهر الکتاب؛ وذلک لأنّ الصلاة واجبة علی‏‎ ‎‏الإطلاق، فعلی المکلّف إرادتها بحکم العقل، وإذا أرادها یحصل شرط وجوب‏‎ ‎‏المقدّمة، ولاشبهة فی تقدّم إرادة ذی المقدّمة علی المقدّمة وإن کان ذو المقدّمة‏‎ ‎‏متأخّراً فی الوجود، فإذا سبقت إرادته بالنسبة إلیٰ ذی المقدّمة، حصل شرط وجوب‏‎ ‎‏المقدّمة شرعاً وهو الوضوء، فإذا أراد الوضوء فقد أراد ماهو الواجب، فما توهّمه‏‎ ‎‏هذا الفاضل هنا وعند إیراده علیٰ مقالة «المعالم» فی غیر محلّه جدّاً‏‎[4]‎‏.‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 188

  • )) معالم الاُصول : 74 / السطر 3 ـ 6 .
  • )) بدائع الأفکار (تقریرات المحقّق العراقی) الآملی 1 : 385 / السطر 25 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 181 ـ 184 .
  • )) بدائع الأفکار (تقریرات المحقّق العراقی) الآملی 1 : 385 .