الفصل السادس فی مقدّمة الواجب

إیقاظ : فی الردّ علی امتناع وجوب مطلق المقدّمة

إیقاظ : فی الردّ علی امتناع وجوب مطلق المقدّمة

‏ ‏

‏المراد من «وجوب مطلق المقدّمة» أنّ وجوبها له الإطلاق، فیقال إیراداً‏‎ ‎‏علیه: بأنّ ذلک غیر ممکن؛ لأنّ التقیید بالإیصال ممتنع، والإطلاق تابع للتقیید‏‎ ‎‏إمکاناً وامتناعاً‏‎[1]‎‏.‏

والجواب عنه أوّلاً :‏ أنّ المراد منه لیس کما توهّم، بل المراد أنّ معروض‏‎ ‎‏الإرادة الترشّحیة، هو مطلق ما یتمکّن به العبد من الواجب، فی مقابل من یقول: بأنّ‏‎ ‎‏معروضها من الأوّل مضیّق، وهو مثلاً عنوان «الموصل إلی الواجب» وکلّ منهما‏‎ ‎‏مشترک فی إطلاق الهیئة علی موضوعها، ومختلف فی سعة الموضوع وضیقه حین‏‎ ‎‏ترشّح الإرادة.‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 195
وثانیاً :‏ لانسلّم امتناع التقیید، کما یأتی‏‎[2]‎‏.‏

وثالثاً :‏ إنّ ما اشتهر بین الأعلام «من أنّ امتناع التقیید یستلزم امتناع‏‎ ‎‏الإطلاق»‏‎[3]‎‏ غیر مرضیّ؛ وذلک لما تقرّر منّا: من أنّ امتناع التقیید لاینافی تمامیّة‏‎ ‎‏الإطلاق ثبوتاً بالضرورة، فإذا أمکن أن یخبر عن حدود مرامه ولم یخبر، یتمّ‏‎ ‎‏الإطلاق إثباتاً‏‎[4]‎‏.‏

‏نعم، لو کان الإطلاق منوطاً باللحاظ، فهو غیر ممکن بالنسبة إلی القید‏‎ ‎‏الممتنع، لا بالنسبة إلیٰ سائر القیود، فما أفاده العلاّمة النائینیّ ‏‏رحمه الله‏‏ هنا‏‎[5]‎‏، وأتیٰ به‏‎ ‎‏العلاّمة الأراکیّ جواباً‏‎[6]‎‏، کلاهما غیر موافق للتحقیق، فلیتدبّر جیّداً.‏

‏ثمّ إنّ الظاهر من القائلین بالمقدّمة المطلقة: هو أنّ معروض الوجوب، ما‏‎ ‎‏یتمکّن به العبد من الواجب، سواء کان مانع عقلیّ عن وجوده، أم لم یکن، وسواء‏‎ ‎‏علم بذلک المانع المکلّف، أو جهل به؛ فإنّ الملاک هو التمکّن، وهو حاصل. وهذا‏‎ ‎‏فی غایة القرب من التحقیق.‏

‏ولعمری، إنّهم یخصّون معروض الوجوب بما إذا لم یکن مانع عقلاً عن إیجاد‏‎ ‎‏الواجب؛ لما أنّهم یرون سقوط التکلیف حال العجز، فیسقط الأمر الغیریّ قهراً ولو‏‎ ‎‏قلنا بصحّة التکلیف.‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 196

  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 1 : 294 .
  • )) یأتی فی الصفحة 206 ـ 207 .
  • )) کفایة الاُصول : 97، فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 1 : 155، منتهی الاُصول 1 : 297، محاضرات فی اُصول الفقه 2 : 173 .
  • )) تقدّم فی الجزء الثانی : 151 ـ 152 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 1 : 294 ـ 295 .
  • )) بدائع الأفکار (تقریرات المحقّق العراقی) الآملی 1 : 390 .