إیقاظ : فی الردّ علی امتناع وجوب مطلق المقدّمة
المراد من «وجوب مطلق المقدّمة» أنّ وجوبها له الإطلاق، فیقال إیراداً علیه: بأنّ ذلک غیر ممکن؛ لأنّ التقیید بالإیصال ممتنع، والإطلاق تابع للتقیید إمکاناً وامتناعاً.
والجواب عنه أوّلاً : أنّ المراد منه لیس کما توهّم، بل المراد أنّ معروض الإرادة الترشّحیة، هو مطلق ما یتمکّن به العبد من الواجب، فی مقابل من یقول: بأنّ معروضها من الأوّل مضیّق، وهو مثلاً عنوان «الموصل إلی الواجب» وکلّ منهما مشترک فی إطلاق الهیئة علی موضوعها، ومختلف فی سعة الموضوع وضیقه حین ترشّح الإرادة.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 195
وثانیاً : لانسلّم امتناع التقیید، کما یأتی.
وثالثاً : إنّ ما اشتهر بین الأعلام «من أنّ امتناع التقیید یستلزم امتناع الإطلاق» غیر مرضیّ؛ وذلک لما تقرّر منّا: من أنّ امتناع التقیید لاینافی تمامیّة الإطلاق ثبوتاً بالضرورة، فإذا أمکن أن یخبر عن حدود مرامه ولم یخبر، یتمّ الإطلاق إثباتاً.
نعم، لو کان الإطلاق منوطاً باللحاظ، فهو غیر ممکن بالنسبة إلی القید الممتنع، لا بالنسبة إلیٰ سائر القیود، فما أفاده العلاّمة النائینیّ رحمه الله هنا، وأتیٰ به العلاّمة الأراکیّ جواباً، کلاهما غیر موافق للتحقیق، فلیتدبّر جیّداً.
ثمّ إنّ الظاهر من القائلین بالمقدّمة المطلقة: هو أنّ معروض الوجوب، ما یتمکّن به العبد من الواجب، سواء کان مانع عقلیّ عن وجوده، أم لم یکن، وسواء علم بذلک المانع المکلّف، أو جهل به؛ فإنّ الملاک هو التمکّن، وهو حاصل. وهذا فی غایة القرب من التحقیق.
ولعمری، إنّهم یخصّون معروض الوجوب بما إذا لم یکن مانع عقلاً عن إیجاد الواجب؛ لما أنّهم یرون سقوط التکلیف حال العجز، فیسقط الأمر الغیریّ قهراً ولو قلنا بصحّة التکلیف.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 196