الفصل السابع فی مسألة الضدّ

الأمر الثالث : قاعدة الاستلزام

الأمر الثالث : قاعدة الاستلزام

‏ ‏

‏وهی أنّ إتیان الصلاة مثلاً مستلزم للمحرّم، ومستلزم المحرّم محرّم، فالصلاة‏‎ ‎‏محرّمة. فهنا دعاوٍ ثلاث:‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 319
الاُولیٰ :‏ وهی صغری المسألة؛ أنّ الصلاة التی هی ضدّ المأمور به، تستلزم‏‎ ‎‏ترک المأمور به؛ ضرورة امتناع الامتثال بهما معاً.‏

والثانیة :‏ أنّ ترک المأمور به وهی الإزالة حرام؛ لأنّه الضدّ العامّ، والأمر‏‎ ‎‏بالشیء یقتضی النهی عن ضدّه العامّ قطعاً.‏

والثالثة :‏ أنّ مستلزم الحرام حرام؛ لأنّه من الأسباب، والسبب محرّم فی باب‏‎ ‎‏مقدّمة الحرام، أو لما مرّ: من أنّ المتلازمین متّفقان فی الحکم‏‎[1]‎‏، وإلاّ یلزم خلوّ‏‎ ‎‏الواقعة من الحکم، وهو خلاف مذهب الخاصّة‏‎[2]‎‏، فالصلاة ـ وهی ضدّ الإزالة ـ‏‎ ‎‏منهیّ عنها، وتکون محرّمة.‏

وغیر خفیّ :‏ أنّ هذا التقریب یخالف التقریب السابق.‏

وأمّا توهّم :‏ أنّ الاستلزام غیر صحیح؛ لأنّه فرع کون أحدهما فی الرتبة‏‎ ‎‏المتأخّرة عن الآخر، مع أنّ الصلاة فی رتبة ترک الواجب، ولیست تستلزم ذلک، بل‏‎ ‎‏هو ینطبق علیها قهراً.‏

‏فهو قابل للاندفاع: بأنّ البحث لیس فی مقتضیات مدلول الاستلزام لغةً، بل‏‎ ‎‏النظر إلیٰ أنّ الصلاة من الأسباب المنتهیة إلیٰ ترک الواجب، وحرمة مثل هذه‏‎ ‎‏المقدّمة بدیهیّة.‏

أقول :‏ سیأتی البحث حول هذه المسألة فی الأمر الرابع مفصّلاً. وعلیٰ کلّ‏‎ ‎‏تقدیر یکفی لسقوط هذا الوجه، ما تحرّر منّا فی محلّه: من أنّ مستلزم المحرّم‏‎ ‎‏والمقدّمات التولیدیّة لیست محرّمة‏‎[3]‎‏، وأنّ الأمر بالشیء لایقتضی النهی عن ضدّه‏‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 320
‏العامّ بالضرورة‏‎[4]‎‏.‏

‏بل عدم الاقتضاء هنا، أولیٰ من عدم الاقتضاء فی الضدّ الخاصّ؛ ضرورة أنّ‏‎ ‎‏ترک الواجب ممّا لایحتاج إلی النهی عنه، ویکون للعقل سبیل إلیٰ مبغوضیّته‏‎ ‎‏العرضیّة الترشّحیة، بخلاف الضدّ الخاصّ، فإنّه ربّما یکون للعقل سبیل إلی احتمال‏‎ ‎‏محبوبیّته فی الرتبة المتأخّرة، فلابدّ من النهی عنه؛ قضاءً لحقّ عدم الإهمال فی‏‎ ‎‏ناحیة فعل المحبوب والواجب علی الإطلاق؛ أی علی المولیٰ سدّ الموانع، وإیجاد‏‎ ‎‏المقتضی فی عالم التشریع؛ لأجل الوصول إلی المرام والمقصود، وعند ذلک ینهیٰ‏‎ ‎‏عن الأضداد؛ لأنّ فی ترک نهیه إخلالاً بغرضه، وهو خلاف الحکمة.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 321

  • )) تقدّم فی الصفحة 312 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 315 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 283 ـ 284 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 305 ـ 309 .