الفصل السابع فی مسألة الضدّ

تتمیم : فی إبطال بعض الوجوه الاُخر المذکورة لنفی المقدّمیة

تتمیم : فی إبطال بعض الوجوه الاُخر المذکورة لنفی المقدّمیة

‏ ‏

‏من البیان المزبور انقدح ما فی الکتب الکثیرة، والوجوه الاُخر المتمسّک بها‏‎ ‎‏لإبطال المقدّمیة‏‎[1]‎‏، التی هی مشترکة فی أخذ العدم شیئاً وموضوعاً للحکم.‏

‏ومن تلک الوجوه قولهم: بـ «أنّ عدم الضدّ فی رتبة الضدّ الآخر» فکیف یکون‏‎ ‎‏هو مقدّمة للضدّ، والمقدّمة لیست فی رتبة ذی المقدّمة‏‎[2]‎‏؟!‏

‏هذا مع أنّ العدم الذی هو فی الرتبة، هو العدم البدیل، لا العدم الواقعیّ‏‎ ‎‏المجامع، وما هو مورد نظر المستدلّ هو العدم المجامع الذی یتخیّل خارجیّته؛ فإنّ‏‎ ‎‏ماهو مقدّمة الأمر الخارجیّ، لایکون مفهوماً صرفاً.‏

‏وهکذا قولهم بلزوم الدور‏‎[3]‎‏؛ فإنّ عدم الضدّ لو کان مقدّمة للضدّ، فالضدّ‏‎ ‎‏مقدّمة لعدم الضدّ الآخر، بل الثانی أولیٰ، بخلاف الأوّل، إلاّ فی الضدّین لا ثالث لهما‏‎ ‎‏کما مرّ‏‎[4]‎‏، فما فی «الکفایة»‏‎[5]‎‏ غیر راجع إلی التحقیق فی المسألة.‏

‏وهکذا ما أفاده العلاّمة النائینیّ: من الحکم بأنّ عدم المعلول فیما إذا کان‏‎ ‎‏مستنداً إلیٰ عدم المقتضی، لایستند إلی المانع، وفیما نحن فیه عدم الإزالة یستند إلیٰ‏‎ ‎‏عدم إرادته، لا إلیٰ وجود المانع؛ ضرورة أنّ عدم المعلول لاشیء محض لایستند‏‎ ‎


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 327
‏إلیٰ شیء مطلقاً حتّیٰ یختلف أنحاء الاستناد فی الرتبة‏‎[6]‎‏. ولقد اُشغلت صفحات‏‎ ‎‏کتب بعض تلامیذه بهذا المعنی المسامحیّ‏‎[7]‎‏ الذی تحرّر فی محلّه: أنّه إطلاق‏‎ ‎‏عوامّی؛ لا واقعیّة له‏‎[8]‎‏.‏

‏بل قد عرفت منّا : أنّ المانع فی الواقع والحقیقة، یرجع إلی الاختلال بالشرط‏‎ ‎‏المعتبر؛ إمّا فی فاعلیّة الفاعل، أو قابلیّة القابل، ولیس أمراً وراء ذلک حتّیٰ فی‏‎ ‎‏التکوینیّات، فضلاً عن التشریعیّات والتدوینیّات‏‎[9]‎‏، فاغتنم.‏

‏ومن العجیب ما فیحاشیة العلاّمة الأصفهانی ‏‏قدس سره‏‏، حیث قال: «فالتحقیق الذی‏‎ ‎‏ینبغی ویلیق: هو تسلیم مقدّمیة عدم الضدّ لوجود الضدّ الآخر بنحو التقدّم بالطبع».‏

‏ثمّ أضاف : «أنّه لایجدی الخصم؛ إذ لیس کلّ متقدّم بالطبع یجب بالوجوب‏‎ ‎‏المقدّمی، کما عرفت فی أجزاء الواجب‏‎[10]‎‏؛ فإنّ الجزء له التقدّم الطبعیّ، لکنّه حیث‏‎ ‎‏لاوجود للأجزاء بالأسر وراء وجود الواجب النفسیّ، فلا معنیٰ لإیجابها بوجوب‏‎ ‎‏غیریّ زیادة علیٰ وجوبها النفسیّ»‏‎[11]‎‏ انتهی ما أردنا نقله.‏

‏وأنت قد أحطت خبراً : بأنّ العدم المجامع ـ وهو العدم الزمانیّ للضدّ ـ مقدّم‏‎ ‎‏علی الضدّ، ولکنّه لیس له المقدّمیة لوجود الضدّ بالضرورة، وما هو مقصودنا هو‏‎ ‎‏إثبات مقدّمیة العدم للوجود، وهو مستحیل.‏

‏وعلمت فی محلّه : أنّ الأجزاء الداخلیّة داخلة فی محطّ البحث عن وجوب‏‎ ‎


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 328
‏المقدّمة‏‎[12]‎‏، مع أنّ هذا العدم من أجزاء علّة الواجب، لا من أجزاء الواجب.‏

فبالجملة :‏ لایتمّ ما أفاده القوم فی إبطال المقدّمة الاُولیٰ‏‎[13]‎‏، مع أنّها باطلة‏‎ ‎‏بالضرورة.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 329

  • )) هدایة المسترشدین: 230، مطارح الأنظار: 108/ السطر 21، کفایة الاُصول: 161 ـ 163.
  • )) کفایة الاُصول : 163 .
  • )) هدایة المسترشدین: 230/السطر9، مطارح الأنظار: 108/السطر26، کفایة الاُصول: 161.
  • )) تقدّم فی الصفحة 323 .
  • )) کفایة الاُصول : 162 .
  • )) فوائدالاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 1: 307 ـ 308، أجودالتقریرات1: 255.
  • )) محاضرات فی اُصول الفقه 3 : 10 .
  • )) الحکمة المتعالیة 1 : 350 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 325 .
  • )) نهایة الدرایة 2 : 27 .
  • )) نفس المصدر : 186 .
  • )) تقدّم فی الجزء الأوّل : 14 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 327 .