تذنیب آخر : فی حکم الشکّ فی مقدّمیة ترک أحد الضدّین
لو شکّ فی مقدّمیة ترک أحد الضدّین للضدّ الآخر ، فهو یرجع إلی الشک فی جواز ترکه ، وفی حرمة الفعل ، فیلزم جریان البراءة شرعاً وعقلاً ، ولازمه صحة العبادة، وجواز فعل الضدّ .
ور بّما یقال: إنّ البراءة العقلیّة من الوجوب المقدّمی لا معنیٰ لها ، وإذا کان فعل الإزالة واجباً معلوماً ، یصحّ العقاب علی ترکه إذا کان مستنداً إلیٰ ترک تلک المقدّمة المشکوکة ؛ وهی ترک الصلاة .
وأمّا البراءة الشرعیّة فیشکل إجراؤها؛ لأنّه علیٰ تقدیر کون الترک مقدّمة، فالوجوب المتعلّق به ـ بحکم العقل ـ علی حدّ الوجوب المتعلّق بفعل الإزالة ؛ وهو الضدّ ، وحیث هو ـ فی هذه الحالة ـ حکم منجّز ، فهکذا مقدّمته ، فلا یعقل الترخیص ، لأنّ من شرائط الترخیص الفعلیّ إمکان الترخیص ، وهو هنا محال .
وبعبارة واضحة : إنّ ارتضاء المولیٰ فی موارد البراءة الشرعیّة معتبر ، وهنا لا یرتضی بذلک ؛ لأنّ وجوب الإزالة معلوم ، فلا تصل النوبة إلیٰ إجرائها بالنسبة إلیٰ المقدّمة ؛ لأنّه علی تقدیر المقدّمیة غیر راضٍ بالترک .
أقول : هذا ما أفاده «الدرر» رحمه الله وأنت خبیر بما فیه ؛ ضرورة أنّ الوجوب الغیریّ لیس مصبّ الأدلّة ، لعدم فائدة فی رفع الوجوب الغیریّ ، ولا امتنان فی ذلک .
وأمّا توهّم : أنَّ النهی المترشّح من الأمر الغیریّ ، یورث فساد العبادة ، وإذا کان الأمر الغیریّ مورد الرفع ، فلا نهی حتّیٰ یلزم البطلان ، فهو غیر تمام؛ لما
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 330
سیأتی من أنَّ مثل هذا النهی ، لیس نهیاً فی العبادة . مع أنّه لو کان من النهی فی العبادة ، فإیراثه البطلان محلّ الإشکال ، کما سیظهر .
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 331