الفصل السابع فی مسألة الضدّ

الخاتمة : فی ثمرة المسألة

الخاتمة : فی ثمرة المسألة

‏ ‏

‏وهی کثیرة ، نذکر بعضاً منها :‏

الأولیٰ :‏ بناءً علی الاقتضاء یلزم تعدّد العقاب فی الضدّ العامّ والخاصّ ،‏‎ ‎‏ویکون الترک محرّماً تکلیفاً ، وهکذا الضدّ الخاصّ ، وهی الصلاة أو غیرها .‏

الثانیة :‏ یلزم کونه مصرّ اً علی المصیة ؛ بناءً علی أنَّ الإصرار یتحقّق‏‎ ‎‏بالمعصیتین .‏

‏وربمّا یتوجّه إلیٰ حرمة الضدّ الخاصّ : أنَّ هذا النهی لمکان ترشّحه من الأمر‏‎ ‎‏المقدّمی ، لا یکون ذا تبعة من العقاب والفسق‏‎[1]‎‏ ، کیف؟! وأمره المقدّمی یکون‏‎ ‎‏کذلک ، ولا یعقل زیادة الفرع علی الأصل .‏

‏هذا إذا کان البرهان علی الاقتضاء ، مسألة مقدّمیة ترک الضدّ للضدّ .‏

‏وإذا کان غیره من الوجوه الاُخر ، فیقال : إنّ هذا النهی لا یکشف عن‏‎ ‎‏المفسدة ، ولا یکون إرشاداً إلی الشرطیّة أو المانعیّة ، فلا یکون مفسد العبادة .‏‎ ‎‏فبالجملة هو نوع نهی غیر النواهی المتعارفة .‏

أقول : ‏هذه الشبهة قابلة للاندفاع ؛ ضرورة أنَّ الإرادة الغیریّة إذا کانت‏‎ ‎‏مترشّحة، وإرادة الزجر والنهی أیضاً مترشّحة قهراً ولا بالاختیار ، فللإیراد‏‎ ‎


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 331
‏المزبور مجال‏‎[2]‎‏.‏

‏وأمّا علیٰ ماهو الحقّ : من أنّها لیست خارجة عن الاختیار، بل المولیٰ مع‏‎ ‎‏التوجّه إلیٰ أطراف المسألة، یأمر بترک الصلاة، ولمزید الاهتمام ینهیٰ عن الصلاة،‏‎ ‎‏فیکون النهی صادراً عن المبادئ المستقلّة النفسانیّة الموجودة فی النفس علیٰ حدة،‏‎ ‎‏مع لحاظ المصلحة الخاصّة؛ وهو الاهتمام بشأن فعل الإزالة، فلا منع من کون النهی‏‎ ‎‏مستتبعاً للعقاب والفسق، ولانحتاج فی النواهی النفسیّة والمولویّة إلیٰ أزید من ذلک.‏

‏واختفاء مثل هذا التحقیق علیٰ أفاضل القوم‏‎[3]‎‏ لایعجبنی، والذی هو العجیب‏‎ ‎‏خفاؤه علی الوالد ـ مدّظلّه ، فظنّ أنّ مثل هذا النهی لیس یستتبع شیئاً، وهماً أنّه‏‎ ‎‏لایکشف عن مفسدة فی المقام‏‎[4]‎‏، غافلاً عن أنّ النفسیّة المولویّة لاتتقوّم بالمفسدة‏‎ ‎‏أو المصلحة فی المتعلّقات، بل یکفی لذلک عدم کونها عبثاً وجزافاً، کما مرّ مراراً‏‎[5]‎‏.‏

وبعبارة اُخریٰ :‏ ملاحظة المزاحمة کافیة لتحریم المزاحم، ویکون هو حراماً‏‎ ‎‏مستقلاًّ ومنهیّاً واقعاً.‏

‏وهنا شبهة اُخریٰ متوجّهة إلیٰ حرمة الضدّ العامّ، ومندفعة بما اُشیر إلیه: وهی‏‎ ‎‏أنّه کیف یعقل ترشّح إرادتین، إحداهما: متعلّقة بفعل شیء، والاُخریٰ: متعلّقة بترکه؟‏

‏أو کیف یعقل کون شیء فی ترکه المفسدة أو المصلحة، مع أنّه عدم، ولا‏‎ ‎‏شیئیّة للعدم‏‎[6]‎‏؟‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 332
‏وجه الاندفاع : ما مرّ منّا فی المرحلة الاُولیٰ من البحث، ویکفیک إن کنت‏‎ ‎‏شاعراً ما أفدناه هنا‏‎[7]‎‏. فبالجملة تحصّل أنّ الالتزام بترتّب الثمرتین ممکن.‏

الثالثة :‏ بطلان العبادة إذا کانت ضدّاً؛ لما أنّ النهی عن العبادة یورث الفساد،‏‎ ‎‏ففی المثال المعروف فی المسألة، یلزم بطلان الصلاة عند ترک فعل الإزالة؛ لأنّها‏‎ ‎‏تکون مورد النهی حسب الفرض.‏

‏ویمکن دعویٰ جریانها فی الضدّ العامّ أیضاً؛ ضرورة أنّ الأمر بترک الصلاة‏‎ ‎‏حال الإقراء والحیض، لایدلّ علی الفساد إلاّ برجوعه إلی النهی عرفاً، أو استلزامه‏‎ ‎‏النهی عن فعلها وضدّها وهی الصلاة فقوله: ‏«دعی الصلاة أیّام إقرائک»‎[8]‎‏ یستلزم‏‎ ‎‏النهی عنها، وهو یستلزم الفساد. بل تأتی فی المعاملات، کما نشیر إلیه‏‎[9]‎‏.‏

‏ومن العجب، أنّ الأصحاب ـ رضی الله عنهم ـ مع کونهم فی موقف ذکر ثمرة‏‎ ‎‏المسألة، لم یذکروا للضدّ العامّ ثمرة‏‎[10]‎‏!! مع أنّه قیل: «إنّ النزاع لیس فی الضدّ العامّ؛‏‎ ‎‏ضرورة أنّ الاقتضاء کان مفروغاً عنه عندهم»‏‎[11]‎‏ فهو کان أولیٰ بذکرها من الضدّ‏‎ ‎‏الخاصّ، کما لایخفیٰ.‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 333

  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 1 : 316، أجود التقریرات 1 : 262، مناهج الوصول 2 : 20 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 278 ـ 280 .
  • )) درر الفوائد، المحقّق الحائری : 137، الهامش 1 ، أجود التقریرات 1: 262، محاضرات فی اُصول الفقه 3 : 880 .
  • )) مناهج الوصول 2 : 20 .
  • )) تقدّم فی الجزء الثانی : 234 ، وفی هذا الجزء : 313 ـ 314 .
  • )) لاحظ مناهج الوصول 2 : 17 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 313 ـ 314 .
  • )) الکافی 3 : 83 / 1، تهذیب الأحکام 1 : 381 / 1183، وسائل الشیعة 2 : 276، کتاب الطهارة، أبواب الحیض، الباب 3، الحدیث 4 و287 ، الباب 7، الحدیث 2 و288 ، الباب8 ، الحدیث 3 .
  • )) یأتی فی الصفحة 338 .
  • )) قوانین الاُصول 1 : 113 / السطر 16، الفصول الغرویّة: 95 / السطر 14، مطارح الأنظار: 118 / السطر 31، محاضرات فی اُصول الفقه 3 : 50 .
  • )) معالم الدین: 62، نهایة الاُصول : 206 .