الفصل السابع فی مسألة الضدّ

تتمّة : فی تزاحم تحصیل الطهارة المائیّة مع درک الوقت

تتمّة : فی تزاحم تحصیل الطهارة المائیّة مع درک الوقت

‏ ‏

‏فی الفرع المزبور یمکن أن یقال: بلزوم صرف الوقت فی تحصیل الطهارة‏‎ ‎‏المائیّة‏‎[1]‎‏؛ لأجل أنّ قاعدة ‏«من أدرک...»‏ وإن لاتجری للتوسعة حال الاختیار،‏‎ ‎‏ولکنّها تجری للتوسعة حال الاضطرار وعند الأعذار العرفیّة والشرعیّة، ومن تلک‏‎ ‎


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 419
‏الأعذار ما إذا توقّف تحصیل الشرائط علیٰ صرف الوقت، فإنّه عند ذلک یعدّ معذوراً‏‎ ‎‏بالنسبة إلی التأخیر؛ فتصحّ صلاته للقاعدة.‏

وإن شئت قلت :‏ مع القدرة العرفیّة مع الوجدان لاینتقل من المائیّة إلی الترابیّة.‏

وبعبارة ثالثة :‏ قاعدة الإدراک لاتشمل صورة واحدة؛ وهی صورة العمد‏‎ ‎‏والاختیار، وأمّا سائر الصور فهی تشملها، ومنها ما نحن فیه؛ فإنّه ببذل الوقت فی‏‎ ‎‏تحصیل المائیّة یعدّ معذوراً، وینطبق علیه «أنّه أدرک رکعة» فالتأخیر لأجل ذلک‏‎ ‎‏جائز شرعاً، وصلاته صحیحة وضعاً؛ وفاقاً له أی للجواز الشرعیّ.‏

ویمکن أن یقال :‏ بأنّ ملاک الانتقال من المائیّة إلی الترابیّة، لحاظ وجدان‏‎ ‎‏الماء فی الوقت المضروب للصلاة، فإن کان واجداً فی الوقت یصحّ المائیّة، وإلاّ‏‎ ‎‏فعلیه الترابیّة. وعلیٰ هذا فیما نحن فیه لابدّ من الترابیّة ؛ لأنّه بلحاظ الوقت‏‎ ‎‏المضروب له غیر واجد.‏

‏وأمّا قاعدة الإدراک، فإن کانت لتوسعة الوقت حال الاختیار، کان لتعیّن‏‎ ‎‏المائیّة وجه قویّ، وأمّا إذا کانت هی لحال غیر الاختیار ـ حسب ما تقرّر فی الفقه ـ‏‎ ‎‏فلایفید التوسعة فی هذه الحال شیئاً ممّا نحن فیه.‏

وبعبارة اُخریٰ :‏ موضوع الترابیّة غیر التمکّن فی الوقت من المائیّة والمراد من‏‎ ‎‏«الوقت» هو الوقت المضروب للطبیعة حال الاختیار.‏

وإن شئت قلت :‏ اعتبار الانتقال من المائیّة إلی الترابیّة؛ بلحاظ المحافظة علیٰ‏‎ ‎‏مصالح الصلاة وخصوصیّاتها التی منها الوقت، ولأجل درکها شرعت الترابیّة،‏‎ ‎‏فلایجوز المبادرة إلی المائیّة فی هذه الصلاة؛ للزوم المحافظة علی الوقت، ومقتضاه‏‎ ‎‏الانتقال کما هو مفروض المسألة.‏

‏ویمکن أن یتوهّم التخییر‏‎[2]‎‏؛ قضاءً لحقّ الجمع بین هذه الوجوه وتلک الوجوه.‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 420
وبالجملة :‏ موضوع الترابیّة «المعذور شرعاً» وبلحاظ إحدی الوظائف‏‎ ‎‏الشرعیّة، کحفظ النفس المحترمة، أو حفظ وقت الصلاة، وموضوع قاعدة الإدراک‏‎ ‎‏أیضاً «المعذور شرعاً أو عقلاً» فمن الأوّل الحائض، وهکذا من لاحظ فی تأخیره‏‎ ‎‏وظیفة إلهیّة، کحفظ النفس، فإنّه عند ذلک یجوز له التأخیر، ویکون مصداق ‏«من‎ ‎أدرک...»‏ وهکذا إذا کان یحافظ علی الطهور المائیّ، فإن کان أحدهما أهمّ من‏‎ ‎‏الآخر بحسب الأدلّة، یقدّم ذاک، وإلاّ فهو بالخیار.‏

‏ولعمری، إنّ الأخیر أرجح، واحتمال أهمّیة المائیّة‏‎[3]‎‏؛ تمسّکاً بما ورد فی‏‎ ‎‏أهمّیة الطهور؛ وأنّه ‏«ثلث الصلاة»‎[4]‎‏ فی غیر محلّه؛ لأنّ الطهور الذی هو ثلث أعمّ‏‎ ‎‏من المائیّة والترابیّة، ومن کونهما من الخمسة المستثناة یعلم توافقهما فی الأهمّیة.‏‎ ‎‏وللمسألة محلّ آخر تطلب من ذلک المحلّ؛ ضرورة أنّ الحقّ إعطاء کلّ مسألة‏‎ ‎‏حقّها، وهو هنا غیر ممکن جدّاً، فلیتدبّر جیّداً.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 421

  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینیّ) الکاظمی 1 : 328، أجود التقریرات 1 : 272 .
  • )) التنقیح فی شرح العروة الوثقیٰ 9 : 477 .
  • )) محاضرات فی اُصول الفقه 3 : 232 .
  • )) الفقیه 1: 33 ، وسائل الشیعة 1 : 366، کتاب الطهارة، أبواب الوضوء، الباب 1، الحدیث8 .