الفصل السابع فی مسألة الضدّ

تذنیب : فی أنّ العجز الحاصل بالعصیان یوجب سقوط أمر الأهمّ

تذنیب : فی أنّ العجز الحاصل بالعصیان یوجب سقوط أمر الأهمّ

‏ ‏

ربّما یقال :‏ إنّ الامتثال سبب سقوط الأمر، والعجز عن الامتثال أیضاً سبب،‏‎ ‎‏والعصیانَ بما هوالعصیان لا امتثال،ولا عجز:‏

أمّا الأوّل :‏ فهو واضح.‏

وأمّا الثانی :‏ فلأنّ الأمر لابدّ وأن یکون موجوداً حال الامتثال والعصیان؛‏‎ ‎‏حتّیٰ یتحقّق الامتثال والعصیان، فلایکون حال العصیان أمر الأهمّ ساقطاً‏‎[1]‎‏.‏

وفیه :‏ أنّ العصیان سبب انتفاء الأمر ، بمعنیٰ أنّه دلیل علی انتهاء أمد‏‎ ‎‏الإرادة،وهو حقیقة العجز عن الامتثال، إلاّ أنّ هنا عجزین:‏

الأوّل :‏ ما یکون عجزاً ، ویعدّ عذراً عند العقلاء .‏

الثانی :‏ ما لا یعدّ عذراً، ویکون عصیاناً .‏

وقد عرفت :‏ أنّه لاشیء ثالث وراء الامتثال والعصیان، یعدّ حال العصیان؛‏‎ ‎‏ضرورة أنّ قولنا: «حال العصیان» کقولنا: «حال الإیمان، وحال الکفر، وحال‏‎ ‎‏الشجاعة، والسخاوة» فإنّ فی جمیع تلک الأحوال یکون المضاف إلیه متحقّقاً،‏‎ ‎‏ویکون أمراً مستمرّاً منطبقاً علی الزمان، ولیس العصیان من هذا القبیل، بل العصیان‏‎ ‎‏هو التخلّف عن الأمر والامتثال؛ علیٰ وجه لایقدر العبد علیٰ تطبیق المأمور به علی‏‎ ‎‏الخارج، وهو من الاُمور الآنیّة والدفعیّة، سواء فی ذلک عصیان الأوامر الموقّتة، أو‏‎ ‎‏الأوامر الفوریّة.‏

‏ومن العجیب ، توهّم القائل بالترتّب: أنّ العصیان إمّا آنیّ، أواستمراریّ!! مع‏‎ ‎‏أنّ العصیان الاستمراریّ یرجع إلیٰ عصیانات؛ لوجود الأوامر الکثیرة، کما فی أداء‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 497
‏الدین الواجب، وصلاة الزلزلة الواجبة، هکذا أفاده صاحب «التقریرات»‏‎[2]‎‏ فلاتغفل.‏

‏ولعمری، إنّ من تفوّه بکلمة «حال العصیان» لم یتوجّه إلیٰ ماهو معناه حقیقة،‏‎ ‎‏والله الهادی إلیٰ سواء السبیل.‏

وبالجملة :‏ قد عرفت أنّ هذه التقاریب کلّها، قاصرة عن حلّ هذه المعضلة.‏

‏وإنّی وإن کنت بصدد إثبات إمکان الترتّب، خلافاً للوالد المحقّق ـ مدّظلّه ،‏‎ ‎‏وبصدد نفیالحاجة إلیه فیتصویرالأمر بالمهمّ، خلافاً للقوم، ولکن بعد التدبّر والتأمّل‏‎ ‎‏تبیّن لی أنّ طریق إمکانه مسدود جدّاً، ویکفی لامتناعه ذهاب مثل الشیخ الأعظم‏‎ ‎‏الأنصاریّ والمحقّق الخراسانی إلی استحالته‏‎[3]‎‏، وإن کان طریق تقریب الاستحالة‏‎ ‎‏الذی قرّبناه تبعاً للوالد المحقّق ـ مدّظلّه غیرَ ما ظنّوه ‏‏«‏وَالله ُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِیطٌ‏»‏‏.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 498

  • )) محاضرات فی اُصول الفقه 3 : 153 ـ 155 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 1 : 374 ـ 375 .
  • )) مطارح الأنظار: 56 ـ 59، کفایة الاُصول : 166 ـ 168 .