الفصل الثامن التعرّض لبعض أنحاء الوجوب

ثالثها : مقتضی الاُصول العملیّة عند الدوران بین التعیین والتخییر

ثالثها : مقتضی الاُصول العملیّة عند الدوران بین التعیین والتخییر

‏ ‏

‏هل أنّ قضیّة الاُصول العملیّة فی دوران الأمر بین التعیین والتخییر، هی‏‎ ‎‏البراءة، أم الاشتغال، أو المسالک فی ذلک مختلفة؟ وقد مرّ بعض الکلام فی مباحث‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 30
‏الترتّب‏‎[1]‎‏، وسیظهر تحقیقه فی مباحث الاشتغال والبراءة‏‎[2]‎‏.‏

‏وإجمال الکلام فی المقام: أنّه إن قلنا بأنّ الوجوب التخییریّ نوع وجوب‏‎ ‎‏یوصف به الشیء خارجاً، فالقاعدة تقتضی الاشتغال؛ لرجوع الشکّ إلیٰ الشکّ فی‏‎ ‎‏السقوط.‏

وإن قلنا:‏ بأنّه من قبیل الوجوب التعلیقیّ، أو المشروط، أو یرجع إلیٰ‏‎ ‎‏الوجوب التعیینیّ ووجوب الجامع الذاتیّ، فالقاعدة تقتضی البراءة، کما هو الظاهر.‏

وإن قلنا:‏ بأنّ الواجب هو عنوان انتزاعیّ وهو «الواحد منهما» فربّما یشکل‏‎ ‎‏إجراء البراءة، فتأمّل.‏

‏ثمّ إذا شکّ فی أنّ الجمع بین الأطراف یجزئ، أم لابدّ من الاکتفاء‏‎ ‎‏بأحدلأطراف، لاحتمال التضادّ بین الأغراض، فعلیٰ مسلکنا فی الواجب التخییریّ،‏‎ ‎‏لابدّ من الاقتصار علیٰ إتیان أحد الأطراف؛ لأنّه معلوم وجوبه، وأنّه واضح کونه‏‎ ‎‏مورد الإرادة. ویحتمل عدم سقوط تلک الإرادة و ذلک الوجوب بالانضمام، ولا‏‎ ‎‏أصل یحرز به عدم المضادّة والمانعیّة.‏

‏اللهمّ إلاّ أن یقال: بأنّ مقتضیٰ حدیث الرفع رفع المانعیّة عن الموجود، فتدبّر.‏

أو یقال:‏ بأن المانعیّة لا تتصوّر إلاّ برجوعها إلیٰ اشتراط عدم کلّ طرف‏‎ ‎‏بالنسبة إلیٰ الطرف الآخر، وعندئذٍ تجری البراءة عن القید الزائد.‏

‏وأمّا علیٰ القول بالوجوب المشروط، فلابدّ من الالتزام بعدم جواز الجمع‏‎ ‎‏کلاًّ؛ لأنّ ترک کلّ طرف شرط لوجوب الطرف الآخر.‏

‏وهذه هی ثمرة هذا القول والمسلک فی الواجب التخییریّ، ولا یلتزم به من‏‎ ‎‏اختار قطعاً جواز الجمع فی بعض الموارد، أو فی کلّ مورد، بل ورجحانه.‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 31
‏هذا، والقول بالوجوب المعلّق أیضاً مثله؛ لأنّه عند الجمع بینهما لم یتمثل‏‎ ‎‏الأمرین، لأنّ کلّ واحد واجب عند ترک الآخر، فلیتدبّر.‏

‏وأمّا علیٰ القول: بأنّ الواجب هو الجامع الذاتیّ، والأطراف أسباب‏‎ ‎‏ومحصّلات شرعیّة، فجریان البراءة أو الاشتغال مورد الخلاف، وتفصیله فی محلّه‏‎ ‎‏وقد قوّینا هناک إمکان التمسّک بالبراءة فی المحصّلات الشرعیّة‏‎[3]‎‏.‏

‏وأمّا إذا کان الواجب هو الجامع الانتزاعیّ، فالجمع لا یضرّ بعنوان‏‎ ‎‏«الواحد منهما» لأنّه أمر ینتزع عند الاجتماع أیضاً، وکون الآخر مضرّاً ومضادّاً‏‎ ‎‏لامعنیٰ له، فتأمّل.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 32

  • )) تقدّم فی الجزء الثالث : 421 ـ 425 .
  • )) یأتی فی الجزء الثامن : 238 ومابعدها.
  • )) یأتی فی الجزء الثامن : 66 ـ 68 .