الفصل الثامن التعرّض لبعض أنحاء الوجوب

الأمر الأوّل : فی عدم تقوّم الکفائیّ بالمبعوث إلیه

الأمر الأوّل : فی عدم تقوّم الکفائیّ بالمبعوث إلیه

‏ ‏

قد اشتهر:‏ «أنّ التکلیف والبعث کما یتقوّم بالمبعوث والباعث، یتقوّم‏‎ ‎‏بالمبعوث إلیه، ولا یعقل البعث بدون المبعوث إلیه، ففی الکفائیّ ـ کالعینیّ باعث،‏‎ ‎‏ومبعوث، ومبعوث إلیه، من غیر فرق بین المسالک فی حقیقة البعث»‏‎[1]‎‏.‏

أقول:‏ هذا ما أفاده العلاّمة المحشّی ‏‏قدس سره‏‎[2]‎‏ وللمناقشة فیه مجال؛ ضرورة أنّ‏‎ ‎‏البعث بالهیئة یکون هکذا؛ لتقوّم الخطاب بالمخاطب حتّیٰ تصوّراً، وأمّا إذا اعتبر‏‎ ‎‏الشرع مفهوم الوجوب لازم ماهیّةِ طبیعةٍ، وأعلم بذلک بصورة الإخبار، فقال:‏‎ ‎‏«الصلاة لازمة وواجبة» غافلاً عمّا وراء ذلک، فهو بمکان من الإمکان.‏

‏بل ربّما تقتضی حشمة المولیٰ أن یأتی مطلوبه بصیغة المجهول، فیعلن «أنّ‏‎ ‎‏زیداً لابدّ وأن یقتل» قاصداً بذلک الإعلان أنّ له مقاماً منیعاً بین الاُمّة؛ بحیث لو‏‎ ‎‏اطلعوا علیٰ مرامه تسابقوا إلیه، حتّیٰ یقع الزحام والقتال بینهم فی إیفاء مراده،‏‎ ‎‏ولأجل هذا لا یصحّ أن یدّعی أحد: «أنّ المولیٰ طلب منّی ذلک».‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 37
فبالجملة:‏ إذا کانت الأدلّة الشرعیّة موافقة فی موردٍ لمثله، فلا نمنع من‏‎ ‎‏الالتزام بأنّه من الواجب الکفائیّ نتیجة، ولا موضوع له شرعاً وفی الاعتبار، وإن‏‎ ‎‏کان بحسب اللبّ والثبوت ـ لمکان التوقّف نحتاج إلیه.‏

وإن شئت قلت:‏ هذا من قبیل مقدّمة الواجب التی لابدّ منها عقلاً، ولکنّها‏‎ ‎‏لیست مورد الإیجاب شرعاً.‏

‏ویصحّح هذا إمکان غفلة المولی العرفیّ عندما یرید إظهار حشمته عن‏‎ ‎‏الموضوع رأساً، ویعتبر وجوب الطبیعة، لا إیجابها حتّیٰ یتقوّم بمن یجب علیه کما‏‎ ‎‏لا یخفیٰ، فلیتأمّل جیّداً.‏

‏وحیث إنّ الأدلّة فی بعض الأحیان ناظرة إلیٰ الموضوع، فلابدّ وأن نفحص‏‎ ‎‏عن موضوعها فما یتراءیٰ منه ‏‏قدس سره‏‏ من أنّه مع إنکار الموضوع فی الواجب تنحلّ‏‎ ‎‏مشکلة الوجوب الکفائیّ‏‎[3]‎‏، فی غیر محلّه؛ ضرورة أنّه مع ظهور الروایة إثباتاً فی‏‎ ‎‏اعتبار الوجوب علی المکلّف، لابدّ من حلّ مشکلته.‏

‏نعم، إذا ورد فی لسان دلیل «یُغسَّل المیِّتُ» بصیغة المجهول، فإنّه ظاهر فی‏‎ ‎‏أنّ الشارع فی مقام عدم اعتبار الموضوع، فلا تتوجّه المشکلة رأساً حتّیٰ نحتاج‏‎ ‎‏إلیٰ الحلّ.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 38

  • )) نهایة الدرایة 2: 277، نهایة الاُصول 1: 229، محاضرات فی اُصول الفقه 4: 50 ـ 51 .
  • )) نهایة الدرایة 2: 277 .
  • )) نفس المصدر .