الفصل الثامن التعرّض لبعض أنحاء الوجوب

تنبیه : فی بیان محتملات استصحاب الشخصیّ

تنبیه : فی بیان محتملات استصحاب الشخصیّ

‏ ‏

تارة:‏ یکون النظر إلیٰ إجراء استصحاب الشخصیّ بالنسبة إلیٰ الموضوع‏‎ ‎‏الکلّی؛ وهو أنّ الصلاة إذا کانت واجبة علیٰ الاُمّة الإسلامیّة فی أوقاتها، ثمّ شکّ فی‏‎ ‎‏بقاء الوجوب المزبور بعد مضیّ الوقت علیهم، فهل یجری الاستصحاب أم لا؟‏

‏وهذا مورد الإشکال عندنا، وقد فرغنا من عدم جریان استصحاب الأحکام‏‎ ‎‏الکلّیة الإلهیّة ذاتاً‏‎[1]‎‏، لا لأجل المعارضة کما تخیّله النراقی‏‎[2]‎‏ وغیره‏‎[3]‎‏.‏

واُخریٰ:‏ یکون النظر إلیٰ حال زید والشخص المعیّن، ولکن قبل مضیّ الوقت‏‎ ‎‏وأنّه علیٰ تقدیره، فهل یبقی الوجوب أم لا؟ فیه وجهان.‏

‏والذی یظهر هو الثانی؛ لأنّه یرجع إلیٰ الاستصحاب التعلیقیّ الاستقبالیّ،‏‎ ‎‏والاستصحاب الاستقبالیّ فی الشبهة الموضوعیّة غیر ممنوع، کاستصحاب بقاء‏‎ ‎‏رمضان إلیٰ یوم کذا، مع عدم مضیّ رمضان بعد، وأمّا الاستصحاب الاستقبالیّ فیما‏‎ ‎‏نحن فیه فیرجع إلیٰ التعلیقیّ؛ لعدم إمکان الشکّ الفعلیّ فی بقاء الوجوب بعد الوقت،‏‎ ‎‏إلاّ علیٰ تقدیر عدم الامتثال فی الوقت، وهذا التعلیق من التعلیق الاختراعیّ الممنوع‏‎ ‎‏جریانه فیه عندهم‏‎[4]‎‏، فتدبّر.‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 70
وثالثة:‏ یشکّ بعد مضیّ الوقت، وهنا صورتان:‏

إحداهما:‏ ما إذا لم یکن فی الوقت ملتفتاً إلیٰ هذه الشبهة، فإنّه یمکن إجراء‏‎ ‎‏الاستصحاب.‏

وثانیتهما:‏ ما إذا کان ملتفتاً إلیها، فتجری البراءة بالنسبة إلیٰ ما بعد الوقت،‏‎ ‎‏ولا یمکن إجراء الاستصحاب؛ لأنّ مقتضی البراءة الشرعیّة هو التعبّد بعدم الحکم،‏‎ ‎‏فلا یعتبر لموضوع الاستصحاب محلّ. وهذا نحو من الحکومة الراجعة إلیٰ دفع‏‎ ‎‏الموضوع، لا رفعه.‏

وبالجملة:‏ کما إذا شکّ فی الأقلّ والأکثر ـ بعد الإتیان بالأقلّ فی بقاء‏‎ ‎‏الوجوب، یکون الاستصحاب غیر نافع؛ لأنّ البراءة عن وجوب الأکثر دافعة‏‎ ‎‏للاستصحاب، وهذا من موارد تقدّم الأصل غیر المحرز علیٰ الأمارة والأصل‏‎ ‎‏المحرز، کذلک فیما نحن فیه إذا شکّ فی الوجوب خارج الوقت، فقضیّة البراءة‏‎ ‎‏عدمه، وإذا مضیٰ وشکّ فی بقاء الوجوب المزبور فلا یجری الاستصحاب؛ لانتفاء‏‎ ‎‏شکه تعبّداً واعتباراً، أی لا معنیٰ لأن یشکّ فی بقاء الوجوب علیٰ الطبیعة المزبورة،‏‎ ‎‏فلیتأمّل جیّداً.‏

وغیر خفیّ:‏ أنّ فی الصورة الاُولیٰ من الصورتین الأخیرتین، إجراء‏‎ ‎‏الاستصحاب ـ علیٰ التقریب المزبور ممکن، ولکن بناءً علیٰ إجراء البراءة فی‏‎ ‎‏الوقت عن الوجوب خارج الوقت، یمکن أن یقال: بأنّ إجراءها فی الشبهات‏‎ ‎‏الحکمیّة لا یتقوّم بالشکّ الفعلیّ، بل لو کان یلتفت، ویکون غیر عالم بالواقع بحسب‏‎ ‎‏الثبوت، تجری البراءة، فتأمّل.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 71

  • )) یأتی فی الجزء الثامن : 534 ـ 535 .
  • )) مناهج الأحکام والاُصول: 239 ـ 240، عوائد الأیّام: 70 ـ 71 .
  • )) مصباح الاُصول 3: 36 ـ 40 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینیّ) الکاظمی 4: 458، الرسائل، الإمام الخمینیّ قدس سره: 165 ـ 166، مصباح الاُصول 3: 137 ـ 139 .