التحقیق فی جواز الاجتماع وعدمه
إذا تبیّنت هذه المقدّمات وتلک الاُمور التی لابدّ من الاطلاع علیها فی فهم هذه المسألة، فلابدّ من الورود فی أصلها؛ وأنّه هل یجوز الاجتماع، أم لا، أو یقع فی المسألة تفصیل؟
اعلم: أنّک قد أحطت فیما سبق بأنّ النزاع فی هذه المسألة یقع علیٰ وجهین:
الوجه الأوّل : هو أنّ الاختلاف بین الأعلام یکون حیثیّاً؛ أی فی حیثیّة واحدة: وهی أنّ مجرّد اختلاف متعلّق الأمر والنهی عنواناً مع وحدة المعنون، یکفی لعدم لزوم غائلة اجتماع الأحکام المتضادّة والمتخالفة الغیر القابلة للجمع، أم لا، وفی هذه الوجهة لانظر إلیٰ بعض الإشکالات الناشئة عن
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 199
امتناع ترشّح الإرادة من المولیٰ والمقنّن، ولا إلیٰ مسألة فعلیّة التکلیف وعدم فعلیّته.
الوجه الثانی : هو أنّ الإطلاقین الثابتین لکلّ واحد من العنوانین، هل هما باقیان علیٰ حالهما فی المجمع، وتکون الإرادتان باقیتین حال اجتماع العنوانین علیٰ واحد، أم لا؟
وإنّک وإن اطلعت فیما سلف علیٰ أنّ النزاع بالحقیقة یکون فی هذه الجهة، ولکن لمکان ذهاب کثیر منهم إلی الوجه الأوّل، لابدّ من تحریر المسألة علی الطریقین والوجهین.
وممّا یشهد علیٰ أنّ فی مسألة الاجتماع یقع النزاع فی الجهتین: أنّ من الممکن أن یختار الاجتماعَ فی النزاع الأوّل من یقول بالامتناع فی النزاع الثانی؛ وذلک لأنّ القائل بعدم السرایة وبعدم اعتبار المندوحة فی المبحث الأوّل، لابدّ وأن یقول بالامتناع فی النزاع الثانی؛ إذا کان یریٰ أنّ الخطابات الشرعیّة الکلّیة تنحلّ إلی الخطابات الشخصیّة.
وغیر خفیّ: أنّ فی الوجه الأوّل یکون القول بالاجتماع متعیناً وبلا مناقشة یعتدّ بها، وفی الوجه الثانی یقع التفصیل؛ فإن کانت مندوحة فالاجتماع قطعیّ، وإن لم تکن مندوحة فإن قلنا: بأنّ الخطابات قانونیّة فالاجتماع مسلّم، وإلاّ فیتعیّن الامتناع.
وتمام الکلام فی المقام یستدعی البحث فی مقامین:
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 200