المقصد الثالث فی النواهی

الدعوی الثالثة

الدعوی الثالثة :

‏ ‏

‏أنّ الحرمة المزبورة الثابتة حسب الأدلّة الأوّلیة، مرفوعة بحدیث الرفع وما‏‎ ‎‏شابهه؛ لأنّها مورد الاضطرار، وقد «أحلّ الله کلّ شیء اضطرّ إلیه ابن آدم»‏‎[1]‎‎ ‎‏و‏ «رفع... ما اضطرّوا إلیه»‎[2]‎‏.‏

‏والمناقشة فیه أوّلاً: بأنّ حدیث الرفع لایقتضی ارتفاع التحریم الأوّلی إلاّ‏‎ ‎‏بلحاظ الآثار.‏

‏مدفوعة: بأنّه مضافاً إلیٰ أنّه خلاف الظاهر بالقیاس إلی ‏«رفع... ما‎ ‎لایعلمون» ‏فتأمّل، وإلیٰ أنّه خلاف قوله: ‏«کلّ شیء یضطرّ إلیه ابن آدم فقد أحلّه‎ ‎اللّٰه‏ ‏له»‎[3]‎‏ أنّ الرفع برفع الآثار ینافی اعتبار التحریم، ویکون هو من اللغو، ولا أثر‏‎ ‎‏له، فلیتأمّل.‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 275
وثانیاً:‏ بأنّ المتوسّط فی الأرض المغصوبة مضطرّ إلی الجامع، وماهو‏‎ ‎‏المرفوع هو حکم الخروج أو البقاء.‏

‏مدفوعة: بأنّ المحرّم هنا هو الجامع وهو التصرّف، والمتوسّط یحرم علیه‏‎ ‎‏البقاء والخروج؛ لأجل أنّ کلّ واحد منهما تصرّف، فیکون فی الواقع التصرّف حرام،‏‎ ‎‏وهو مورد الاضطرار.‏

وثالثاً:‏ بأنّ الاضطرار إذا کان بالغاً إلیٰ حدّ العجز لایکون معنی للرفع؛ لأنّ‏‎ ‎‏الحکم مرتفع بالعجز، واستناده إلیه أولیٰ من استناده إلی الحدیث، کما هو الواضح.‏

‏مدفوعة بما تحرّر: من أنّ القدرة لیست من شرائط التکلیف عقلاً، ولا من‏‎ ‎‏مقتضیات التکلیف عرفاً‏‎[4]‎‏، والأولویّة المزبورة ممنوعة؛ لأنّ الرفع بلحاظ الإنشاء‏‎ ‎‏العامّ، فحدیث الرفع وحکم العقل علی السواء، فلا تخلط.‏

ورابعاً:‏ بأنّ الاضطرار إذا کان بسوء الاختیار، خارج عن منصرف هذه‏‎ ‎‏الأدلّة الثانویّة.‏

‏ممنوع: بأنّه انصراف بلا وجه؛ لاحتمال وجود الملاک الأقوی الغالب وإن‏‎ ‎‏کان فیه تفویت أیضاً، کما لایخفیٰ.‏

‏نعم، ربّما یمکن استظهار اختصاص هذه الأدلّة بصورة الاضطرار لا بسوء‏‎ ‎‏الاختیار؛ لما ورد من التقیید فی الکتاب الإلهیّ فی سورة المائدة: ‏‏«‏فَمَنِ اضْطُرَّ فی‎ ‎مَخْمَصَةٍ غَیْرَ مُتَجَانِفٍ لإِِثْمٍ‏»‏‎[5]‎‏ وفی سورة البقرة : ‏‏«‏فَمَنِ اضْطُرَّ غَیْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ‎ ‎فَلاَ إِثْمَ عَلَیْهِ‏»‏‎[6]‎‏ بناءً علیٰ شمول الآیة لما نحن فیه، وتمام الکلام فی مباحث‏‎ ‎‏البراءة‏‎[7]‎‏ والفقه إن شاء الله تعالیٰ.‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 276

  • )) اُنظر وسائل الشیعة 16: 214، کتاب الأمر والنهی، أبواب الأمر والنهی، الباب 25، الحدیث1.
  • )) التوحید: 353 / 24، الخصال: 417 / 9، وسائل الشیعة 15: 369، کتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس، الباب 56، الحدیث1.
  • )) المحاسن 1: 259 / 308، بحار الأنوار 59: 82 .
  • )) تقدّم فی الجزء الثالث : 455 ـ 457 ، وفی هذا الجزء : 60 ـ 61 .
  • )) المائدة (5) : 3.
  • )) البقرة (2) : 173 .
  • )) یأتی فی الجزء السابع : 98 .