المقصد الثالث فی النواهی

الجهة الثانیة : فی بیان الحکم الوضعیّ وصحّة الصلاة حال الخروج

الجهة الثانیة : فی بیان الحکم الوضعیّ وصحّة الصلاة حال الخروج

‏ ‏

‏أی فی مسألة الصلاة حال التصرّف الاضطراریّ، ومنها یتبیّن حال سائر‏‎ ‎‏الشرعیّات العبادیّة من الوضوء وغیره.‏

اعلم:‏ أنّ الوجوه والاحتمالات بل والأقوال فی هذه المسألة أیضاً کثیرة،‏‎ ‎‏وحیث إنّ جلاًّ من البحث قد مضیٰ تفصیله عند ذکر ثمرة بحث الاجتماع‏‎ ‎‏والامتناع‏‎[1]‎‏، فلایهمّنا الغور فی المسألة.‏

‏نعم، نشیر إلیٰ طائفة من الکلام حولها، وهی تتبیّن من ذکر ماهو الحقّ فیها:‏

فنقول:‏ إنّ التحقیق صحّة الصلاة حال التصرّف الاضطراریّ، سواء قلنا بحرمة‏‎ ‎‏التصرّف الاضطراریّ، أو قلنا بمبغوضیّته واجراء حکم المعصیة علیه، أو لم نقل بکلّ‏‎ ‎‏واحد من الوجهین، وسواء کان الاضطرار بسوء الاختیار، أم لم یکن کذلک، وسواء‏‎ ‎‏کان الوقت موسّعاً أو مضیّقاً، وسواء کان الضیق إلیٰ حدّ یمنع عن صلاة المختار بعد‏‎ ‎‏رفع الاضطرار، أو لایکون إلیٰ ذلک الحدّ، ولایتمکّن إلاّ من الصلاة مومئاً للرکوع‏‎ ‎‏والسجود... وغیر ذلک من الصور والحالات.‏

‏وفی مقابله القول بالبطلان فی جمیع الحالات، والقول بالتفصیل، وهو‏‎ ‎‏کثیر؛ لاختلاف صور المسألة التی یمکن أن یختار شخص إحداها، کما هو‏‎ ‎‏الواضح الظاهر.‏

‏ثمّ إنّ قبل الخوض فی جوهر المسألة، لابدّ من الإیماء إلیٰ محطّ البحث فی‏‎ ‎‏هذه المرحلة من المسألة: وهو أنّ المفروض من البحث ، صورة کون الصلاة حال‏‎ ‎‏التصرّف الاضطراریّ، فلو خرج عن ذلک حتّیٰ یکون من التصرّف غیر الاضطراریّ‏‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 277
‏فهو بحث لایهمّنا؛ لما مرّ الکلام حول صحّة الصلاة فی المغصوب مع المندوحة‏‎[2]‎‏،‏‎ ‎‏فلو کانت الصلاة موجبة؛ لتأخّره فی الخروج عن المغصوبة، فهو خارج عن الجهة‏‎ ‎‏التی هی مورد کلامنا هنا.‏

‏وأیضاً غیر خفیّ: أنّ التصرّفات الرکوعیّة والسجودیّة، توجب طبعاً التأخیر‏‎ ‎‏عن الفراغ عن المغصوب، فلابدّ وأن تکون بنحو الإیماء، ویکون من کان تکلیفه‏‎ ‎‏جواز الإیماء مورد البحث هنا، وإلاّ فمع کون المأمور به هی صلاة المختار، وکان‏‎ ‎‏الوقت واسعاً للإتیان بها بعد الفراغ عن المغصوب، فهو أیضاً خارج عن الجهة‏‎ ‎‏المبحوث عنها هنا، فلاینبغی الخلط فیما هو محلّ الکلام فی المقام، وما کان مورد‏‎ ‎‏البحث عند ذکر ثمرة مسألة الاجتماع والامتناع‏‎[3]‎‏.‏

‏ومن الممکن دعویٰ إمکان تصوّر الإتیان بصلاة المختار، من غیر لزوم‏‎ ‎‏الزیادة علی التصرّف الاضطراریّ، وهو فیما إذا کانت السفینة فی المیاه المغصوبة،‏‎ ‎‏فإنّ الصلاة الاختیاریّة علی السفینة لاتزید علی التصرّف الاضطراریّ بشیء کما هو‏‎ ‎‏الواضح، لأنّه فی حال الرکوع والسجود مشغول بالفراغ، ولایمکث فی المغصوب‏‎ ‎‏بالاختیار. هذا إذا کانت السفینة غیر مغصوبة.‏

‏وأمّا إذا کانت مغصوبةً، فهل الهیئات الرکوعیّة والسجودیّة والقعودیّة تعدّ من‏‎ ‎‏التصرّف الزائد علی الهیئة القیامیّة، وهکذا الهیئة القیامیّة تزید علی القعودیّة، أم لا؟‏‎ ‎‏وجهان أو وجوه.‏

ثالثها:‏ التفصیل بین العرف والعقل، کما عن بعض الأعلام‏‎[4]‎‏.‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 278
‏وعن «الجواهر» : أنّه لایزید عرفاً ولاعقلاً‏‎[5]‎‏، وتمام الکلام فی محلّ آخر.‏

والأظهر:‏ أنّ المسألة حسب نظر العقل لیست کما أفتیٰ بها صاحب‏‎ ‎‏«الجواهر» وبعض أتباعه‏‎[6]‎‏؛ لاختلاف الأجسام سعةً وضیقاً حسب الحجـم‏‎ ‎‏واشتغال الخلاء.‏

‏نعم، للعرف دعویٰ: أنّ التصرّفات الفضائیّة لیست من التصرّف، أو تکون‏‎ ‎‏مورد انصراف أدلّة التحریم، وماهو المحرّم من التصرّف هو التصرّف الحاصل من‏‎ ‎‏المماسّة، فیکون حال القیام التصرّف أقلّ من حال الجلوس، وهو من حال النوم.‏

‏وهذا لایهمّنا فی المقام، بل النظر هنا إلیٰ أنّ من الممکن أن یکون المکلّف،‏‎ ‎‏قادراً علی الصلاة الاختیاریّة حال التصرّف الاضطراریّ، من غیر زیادة علی‏‎ ‎‏التصرّف الاضطراریّ، وهذا کما یتصوّر فی المثال الأوّل یتصوّر فی المثال الثانی،‏‎ ‎‏علیٰ خلاف فیه بین الأعلام فی مسألة المحبوس فی الأرض المغصوبة‏‎[7]‎‏.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 279

  • )) تقدّم فی الصفحة 191 ـ 193.
  • )) تقدّم فی الصفحة 192.
  • )) تقدّم فی الصفحة 185 ـ 199.
  • )) أجود التقریرات 1 : 372 ـ 373 ، فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 2 : 446 .
  • )) جواهر الکلام 8 : 300.
  • )) نجاة العباد: 96، کتاب الطهارة، المقدّمة الرابعة.
  • )) جواهر الکلام 8 : 300، أجود التقریرات 1: 372 ـ 373، محاضرات فی اُصول الفقه 4 : 353 ـ 355.