المقصد الثالث فی النواهی

تنبیه : عدم صحّة العبادة مع المندوحة أو العجز العقلی

تنبیه : عدم صحّة العبادة مع المندوحة أو العجز العقلی

‏ ‏

‏إذا کان الوقت واسعاً للفراغ من التصرّف والإتیان بالواجب الاختیاریّ، فإن‏‎ ‎‏قلنا: بأنّ التصرّف إمّا لیس بحرام، أو تکون حرمته مرفوعة ولو کان بسوء الاختیار،‏‎ ‎‏ولایکون مبغوضاً، فلا منع من صحّة العبادة حال التصرّف الاضطراریّ.‏

‏نعم، بناءً علی القول بحرمته حسب الأدلّة الأوّلیة، وعدم ارتفاعها بالأدلّة‏‎ ‎‏الثانویّة؛ لانصرافها عن التصرّف بسوء الاختیار، أو عن الاضطرار العقلیّ، وهکذا‏‎ ‎‏علی القول بجریان حکم المعصیة علیه، تشکل الصحّة؛ لأنّ مع وجود المندوحة‏‎ ‎‏یکون الإجزاء مشکلاً؛ لما تقرّر منّا فی تنبیهات التعبّدی والتوصّلی:‏‎ ‎‏من أنّ الاجتزاء بالمصداق المحرّم غیر جائز‏‎[1]‎‏، خلافاً لما یظهر من السیّد الوالد‏‎ ‎‏المحقّـق ـ مدّظلّه ‏‎[2]‎‏.‏

‏ثمّ إنّ صحّة الصلاة مشکلة فی صورة کون الاضطرار لا بسوء الاختیار،‏‎ ‎‏وکان التحریم فعلیّاً وغیر مرفوع بالأدلّة الثانویّة؛ لانصرافها عن العجز العقلیّ، وذلک‏‎ ‎‏لأنّ مجرّد کونه معذوراً فی التصرّف الاضطراریّ، لایکفی للحکم بجواز الاکتفاء‏‎ ‎‏بالمصداق المحرّم؛ لأنّه لایخرج بالمعذوریّة عن الحرمة الفعلیّة، فتأمّل.‏

وتوهّم:‏ أنّ المبغوضیّة وإجراء حکم المعصیة، لایورث کون المصداق‏‎ ‎‏مصداق المحرّم حتّیٰ لایجزئ، فی غیر محلّه؛ لعدم الخصوصیّة لوصف الحرمة، بل‏‎ ‎‏الحاکم هو العرف، فلو کان العبد قادراً علیٰ تسلیم المصداق المباح غیر المقرون‏‎ ‎‏بالمبغوض یتعیّن علیه؛ لانصراف الأدلّة الآمرة إلی المصادیق المباحة.‏

‏نعم، فی صورة العجز عن تسلیم المصداق المباح، یقع التزاحم بین الحرام‏‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 282
‏والواجب، أو بین المبغوض والواجب، ولابدّ حینئذٍ من علاج المسألة بما یعالج به‏‎ ‎‏المتزاحمات.‏

مثلاً:‏ فیما نحن فیه إذا کان یشتغل بالخروج والتخلّص، لایتمکّن من الصلاة‏‎ ‎‏ولو برکعة إیمائیّة، فإنّه لایبعد تعیّن التصرّف؛ لأنّ الصلاة أهمّ من ترک التصرّف‏‎ ‎‏بالمقدار الزائد، فضلاً عمّا إذا لم یکن یستلزم زیادة التصرّف، وأمّا فی غیر هذه‏‎ ‎‏الصورة فلا وضوح له.‏

‏والبحث حول هذه الجهة خارج عمّا هو المقصود بالبحث؛ وهی صحّة‏‎ ‎‏الصلاة ولا صحّتها حال التصرّف الاضطراریّ، ولاینبغی الخلط وإطالة الکلام فیما‏‎ ‎‏لایعنی، والله العالم بحقائق الاُمور.‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 283

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 284

  • )) تقدّم فی الجزء الثانی : 184 ـ 185.
  • )) لاحظ مناهج الوصول 2 : 135.